بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 مارس 2013

سيد باب ولد لبات ولد امحمدلمين



سيد باب ولد لبات ولد امحمدلمين ولد سنة ١٩٣٥ أحد أبرزرجالاتنا في العصر الحديث ولد في ولاية تكانت حفظ القرءان وهو دون الخامسة عشرة من عمره، على يد والده لبات بن امحمدلمين. يحظى سيدى باب باحترام كبير من قبل العديد من رموز الدولة الموريتانية بالاضافة الى الكثير ممن عرفوه، عرف بالتواضع ودماثة الخلق كان سخي الكف أنعم الله عليه بالمال والجاه وأنعم هو بهما على كل من عرفه أووصل إليه نصب نسفه ابا وأخا وصديقاللفقراء والمحتاجين كما عرف بانعزاله عن الامور التى لاتناسب مكانة شيخ عابد زاهد يتقى الله ويعبده فى شعب من الشعاب ، يبتغى بذلك وجه الله والدار الآخرة وظل كذلك . رحل سيدباب ولد امحمدلمين. سنة ٢٠٠٦. ٢٨ رمضان وترك سمعة لأولاده ومكانة محترمة تليق بأبناء رجل عظيم مثله.


الجمعة، 15 مارس 2013

الداه ولد سيدي الأمين ولد أحمد


كان الداه ولد سيدي الأمين ولد أحمد أسمر البشرة متوسط القوام وسيما إلى درجة الجمال محبب الطلعة قال الشاعر والقاضي أحمد يرو :
للداه منزلة في القلب وهو فتى قد أستوي فوق عرش الشعر ذي العظم بايعته والقوافي تحت إمرته ومن يبايع أمير الشعر لم يلم ،وكان راوية للأدب والشعر،محدثا بهما،عالما بتاريخ القبائل و أخبار العلماء والأدباء والأمراء وسيرهم ومآثرهم . وكان سريع الرضا حلو الحديث يستقبل ضيوفه وزواره بكل حفاوة وأريحية ويخدمهم بنفسه بكل تواضع . قال فضيلة القاضي والشاعر الأديب شكرود بن محمدو بن محمود الإجيجبي:
عند الداه أمكيل طيت ولد سيـــد الأمين
ولد أحمد مــاقط ريت من لحسان الزين
وقال في أدبه:
لعاد المزال يوجـــد شاعر طبـع الداه
ولد سيد ألمين لحمد واســـك مغنـــــــاه
وقال فضيلة القاضي سيدي أحمد البكاي ولد القاظي الكنتي الحيبلي :
زيارة الداه من بعد وعن كثب *** على أولي الفضل مكتوب من الأدب
أنى ومهما وأيا ما تزره تجد أندى المــــــــــكارم من راحاته تصب
فذ بقى لتراث المجد مصطبرا والناس تركض في أسواق ذا الحطب
وقال خطري ولد أجيرب الكنتي الوافي :
هون الخلق أطعمت فناي مستحيل أعليه إحوشيك
كاعد بين الماش والجاي ما صالح مرجع ماه بيك
اول لاه يصــلح فيه أراي ماه بيك أو متعلق فـــيك
وقال الشاعر البركني الأديب عبد الودود ولد الشيخ :
حد إكولن كيف الداه عند عن ما فات اخلق
ول عاد اخلق ما شفناه إيبس رحم سابق يخلف

واطلع الشاعر الشاب محمد فاضل ولد حكي على ديوان الشاعر فكتب:
لكنتة في الأقلال عز ومفخر وللداه في قلبي ما هو أكبر
تصفحت ديوان الأديب فخلته من السحر ما أوتي أو هو أكثر
فأعلنت إعجابي وأيقنت أنه من "اتكنت" بوحي ما أحس وأشعر

وكان الداه عزوفا عن الطعام لا يكاد يتناول منه حتى صار مضرب المثل في ذلك وكان مدمنا على الشاي والدخان (أمنيجه) حتى قال الناس إنهما طعامه وشرابه . ولكن الميزة التي ميزته من شبابه وحتى اليوم هي هندامه فقد كان يعتني به عناية ظاهرة ، يتخيرله من آخر طراز ويقتنى بأغلى الأثمان. وكان لا يدخل السوق ولا يمس النقود إلا اضطرارا ، فكان صاحب هيئة- كما يقول الفقهاء – في كل ما يتصل به . فعندما يسافر في رحلته السنوية إلى أصدقائه في البادية فإن راحلته تكون من أعرق الرواحل وأثمنها و(شروطها) من آخر طراز تنمقه أنامل أفره صانعة تقليدية ومواعينه مزخرفة لماعة قوامها (طابلة) متحركة و(سرفاية) كبيرة للجماعة و(سرفاية) صغيرة تحمل كأسا واحدة منمقة غير ملأى للداه . ويقول الداه إنه ما أخذ قط على إدمانه الشاي كأسا يدا بيد حتى قبل ظهور (السرفاي) . ويحمل الداه معه دائما في رحلاته سريره الوثير ووسادته المحشوة بالقطن المحلي ( جيوه) ، وإناء لبقا نظيفا يتناول فيه القليل الذي يتناوله من طعام . أما ( تاسوفرته) - وهي وعاء جلدي تقليدي مزخرف بطول متر ونصف وعرض نصف المتر في المتوسط يحمل على ظهر الجملفبخلاف إنائه فهي ضخمة فخمة لا يحملها غير ثلاثة رجال يجعل فيها ، خنشة سكر من خمسين كيلوغراما وكيس ورقة من أكبر عيار ثم ما شاء الله من رزم الثياب والحاجيات المختلفة . ومدفعه دائما إلى جنبه . وجمل الداه دائما من أعرق عروق الإبل وأنجبها مرة ( لحمامي) أي في لون الحمام ، ومرة ( لشعل) أي المحجل الذي في يديه وعنقه بياض وهو من أحسن ألوان الإبل عند أهلها ، وغنمه التي تهدى إليه أسمها ( التبسام) بمعنى أن من ينظر إليها لا محالة يبتسم لحسنها. أما فرسه الشهباء(منت الحوه ) فقصة فوق هذا كله .استجلبها من الحوض الشرقي من حضرة المربي الصوفي الكبير المرحوم شيخنا ولد يب ولد التار الكنتي البكري وهي من خيل (أهل اشماته ) أعرق مدارك الخيل في ولاية الحوض الشرقي . لا تشرب منت الحوه الماء صرفا فلا بد من لبن يضاف إليه مهما تكن الظروف ، ولا تعلف القمح الذي يطيل شعرها حسب الشاعر فيجعلها غير جرداء سابحة كفرس المتنبي وإنما تعلف الذرة الأصيلة ( متر) أو ( ارحيه) وهي مقربة أبدا بفناء الدار كفرس المهلهل أو فرس الموريتاني القديم ( بين عينيك أو بين رجليك ) ، لا تقيد أبدا فذلك يصنع بالحمير ويطيل ظهور الجياد وإنما (تشكل) وتحمم بالماء والصابون كل يوم وتقلم أظافرها عند أمهر صانع تقليدي كل بضعة أشهر ويصبغ عرفها وبعض أعضائها بالحناء كل يوم عيد . ولم تكن آلة الفرس دون آلة الجمل صونا وتنميقا ، وكان الشاعر حريصا على تسمية أجزاء هذه الآلة السرج واللجام بأسمائها التقليدية وهي عالم من الأسماء لم يعد يعرفه إلا الشاعر أو أترابه نبدأه بالسرج الذي يتألف من (القصبة) وتصنع من الخشب الجيد ( تيشط) وتتألف القصبة من (القربوص) وهو الجزء الأمامي منها وأسفله يوجد قوس خشبي أسمه (أقفال) وهو موضع يد الفارس الممسكة للعنان ويعتبر خروج يد الفارس من تحت أقفال لحنا عند العارفين بشؤون الخيل . والجزء الخلفي من القصبة عبارة عن سهمين خشبيين اسمهما ( التانتفرت) في أسفل السهم الأيسر يوجد ثقب اسمه (العقب) تعلق به (العلافة) عادة وهي وعاء جلدي تعلف فيه الفرس. يجعل تحت القصبة مما يلي صهوة الفرس فراش جلدي منمق اسمه (الترشيح) ويجعل فوق القصبة فراش وثير محشو بمادة قطنية اسمها (جيوه) وهذا الفراش اسمه( أستاره) يجلس عليه الفارس ، وتثبت استاره إلى القصبة بنسع جلدي دقيق مزخرف اسمه (المعون) يوصل رأساه بثقبين في طرفي القصبة اسمهما ( أرزز) ومنه المثل الحساني ( دار كرعيه فرزز) يضرب للمبالغة في التسرع، ويشد السرج كله إلى بطن الفرس بشريط جلدي عريض محكم الفتل والتنميق اسمه ( لحزام).
وأما اللجام فيتألف من ( الفاس) وهو قطعة حديدية نصف دائرية تجعل في فم الفرس ،وتنتصب وسط (الفاس) قطعة حديد أخرى اسمها (القادوم) مهمتها إيقاف الفرس ومنه العبارة الحسانية التي تشير إلى الفرس الجامح ( عظت الفاس) وتوجد القادوم وسط دائرة حديدية تجعل تحت فكي الفرس الأسفلين اسمها (اصريمه ) ومهمتها اسكان الفاس بين فكي الفرس.وفي أسفل الفاس مما يلي الفك السفلي للفرس يوجد قضيبان حديديان مستديرا الرأسين اسمهما (لمداور)يليهما في رأسيهما المدورين حلقتان حديديتان اسمهما( الزبدات) يثبت فيهما العنان . والعنان أخيرا وهو من الجلد عالي الجودة والصناعة ينتهي رأساه مما يلي يد الفارس بعقدة محكمة الفتل اسمها (عقدة لعنان) لا يعرف إحكامها إلا العارفون ، تتصل بعقدة العنان حلقة جلدية أسمها (الذرة) يدخل فيها الفارس يده راكبا ويثبتها في الكربوص في حال عدم الركوب.وهناك (الحسكة ) ودورها جمالي في آلة الخيل وهي من الجلد القوي المزخرف بالنحاس والفضة وتجعل حول ناصيتي الفرس.
ركب الداه ذات يوم فرسه ( منت الحوه) إلى المكتب فلقيه صديقه الأديب عبد الودود ولد الشيخ البركني فانشد يقول:
أل اينيمش هذا هـــــو من عند الفتوح إلى ايلاه
الداه أعل منت الحوه منت الحــــوه تربل بالداه
وأنجبت أبنتها الأولى فراحة فانهالت عليها التهاني والهدايا وكتب صديق الشاعر الأديب المرحوم محمد ولد الحاج التروزي مهنئا يقول :
ثنتين أمن الحوات ملك الداه الصافي
منارة خيل أمـــات مدرك سيد الوافي
وكان الداه يحب أن ينوه بمحاسن آلته وكان أصدقاؤه ينزلون عند رغبته ، فنزل عنده صديقه المرحوم أحمد ولد طالبنا الكنتي البكري وكان الداه قد أنهى تشييد عريشه( أمباره ) بالرشيد الجديد في لعصابه فقال أحمد :
والله بعــــــد أل رشيد زين أزيان معــناه
يغير البنيان أمن أبعيد أزين فر أمبار الداه

وطلب منه أبن صديقه الأديب عابدين ولد أعمر البركني خروفا عندما يعود من الرحلة ، وعندما عاد أرسل إليه خروفا وأمه، وجاء عابدين للسلام على صديقه وهو يقول : يا الداه البني يطلب خروفا وأنت تعطيه الخروف وأمه !! فقال الداه هل ترى يا عابدين أنه (من أتكنت ) أن نعطي الخروف ونمسك أمه؟ فانشد عابدين على البديهة :
التــال من كنـــت بديه والتال من قريش الــحق
باتكنتيه أل ســـاكن فيه واتخومـيــه أل ما يطلق
حق الداه أمتلاحق فيه ياســـر ثان من ش يبـلق.
له :

غرامي بالرحال على الجمال
وانتظر القدوم لماء بئر
ولا سير السفائن في اشتعال
وأذكر بالنحيب خيام قومي
وأنحاء الأضاة4 فإن دمعي
تجوب بي النجائب وسط نجدي
إلى أم الطبول6 وكل هضب
سلامي والسلام له حروف
تحط لدى الخيام على الرمال
سيقدم بالرواح أو الزوال
ولا دور الضياء مع الزلال
بأنحاء الرشيد3 على التلال
عليها اليوم منطلق العزالي
(أشاريم)5 في اليمين وفي الشمال
إلى وادي انكدي7 وذي السيال
بماء الدر تكتب للوصال


دومان ولد الشيخ ولد أحمد


دومان ولد الشيخ .. فقد الأهل والعشيرة والبلد

سيدي محمد ولد البكاي

فليتها إذ فدت عمروا بخارجة فدت (دومانا) بمن شاءت من البشر

ولكنه قضاء الله وقدره ولا راد لقضاء الله وقدره.
فجعنا وفجع الأهل والعشير والصحب من أهل هذا البلد برحيل العلامة والنسابة، الزعيم السياسي والقبلي والروحي، الأب الفاضل الذي جمع مناقب الفضل من كرم وجود وتقى وشجاعة وإقدام مع حكمة وحنكة ورجاحة وعقل جعلته من قامات هذا البلد السياسية التي لاتغيب مآثرها ولا آثارها وإن غابت ملامحها، كما جعلته من أعمدة هذا البلد التي لاتسقط دعائمها ولاتميل ركائزها وإن غابت في نور بارئها.
صباح اليوم الاحد الثامن من شوال 1433 ه الموافق 26آغسطس 2012 رحل دومان ولد الشيخ ولد أحمد عن دنيانيا الفانية لينيخ بدار خير من داره وأهل خير من أهله كما نحتسبه عند الله، ونشهد له بما استعد لهذا اليوم من زاد، وقد رأى في مرضه بما أوتي من صلاح وحكمة أن هذا المرض هو مرض التطهير والتنزيه له من كل عالقة أو شائبة من شوائب الدنيا، وظل يعزي أهله وذويه في نفسه قبل غيره ويوصيهم خير وصية من خير موص، مؤمن بقضاء الله وقدره. أن لاراد لقضاء الله وقدره.

لم يكن دومان طيلة حياته شخصيا عاديا ولارجلا عاديا، بل كان دومان بألف رجل، مقامه في ذلك مقام سلفه من خيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتابعيهم بغحسان، مثل القعقاع بن عمرو التميمي الذي قال عنه أبوبكر الصديق "لصوت القعقاع في الجيش خير من ألف رجل"، وكذلك مقام الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد، الذين أرسلهم عمر بن الخطاب إلى عمرو بن العاص لعونه على فتح مصر قائلا رضي الله عنه لعمرو: "إني قد أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف رجل منهم مقام الألف". وقد كان دومان رحمه بمقام الألف إذا هم بفتح، أو إذا سار في ركب، أو ذاخطب في مجلس، أو إذا عاند في أمر، أو إذا غضب في شأن.

كان دومان عالما بأمر دينه، له باع غير معتاد ولامعهود في معرفة الأنساب، وكانت لدومان رحمه الله علاقة خاصة بربه، إنها علاقة الأولياء بمن والولوه بالطاعة، وأذكر كما يذكر من يعرفه عن قرب، سجدته الطويلة التي قد تدوم لساعة أو تزيد أو تنقص، حتى أن بعض من لم يعرفوا الله كما عرفه يأخذون عليه رحمه الله طول تلك السجدة، ولم يعلموا مارواه أبوهريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أقرب مايكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء". وقد قال الإمام النووي رحمه الله إن في ذلك دليل لمن يقول إن السجود أفضل من القيام وسائر أركان الصلاة.

تميز دومان رحمه الله بالرحم والحنان على الصغير والكبير كما نقل لي ذلك والدي أطال الله في عمره وهو ابن أخته الوحيدة التي سبقته إلى الجنة بإذن الله، وهي في ريعان شبابها، وكان دومان زعيما سياسيا بلا ند وبلا منازع، حيث برز مميزا في مساره بين أقرانه منذ نعومة أظافره، وكان وجها معروفا في ولاية تكانت وفي موريتانيا. كان دومان صاحب رؤية ومشروع، إذ لم تكن تحركه النوازع الضيقة ولا المصالح الشخصية الآنية، وقد حدثني أخي العزيز سعادة السفير الشيخ سيدي أحمد البكاي ولد حمادي، سفير الدولة في قطر، فيما يذكر عنه من مناقب، وهي شهادة ذكرها لي في حياة دومان قبل رحيله لأن ما أذكره هنا حقائق وشهادة للحق والتاريخ لا شهادة الميت، ذكر لي سعادة السفير مدى الاعجاب الذي خرج به الجنرال مسغارو ولد سيدي أثناء زيارته لولاية تكانت خلال حكم المجلس الأعلى للدولة 2008 ، إذ فوجئ بالرؤية السياسية الثاقبة لدومان حين تحدث عن مايريده لموريتانيا عامة ولقبيلة كنتة خاصة حين حدثه عن مطالبه التي من بينها تحويل بلدية أم آفنادش إلى مقاطعة، ولكم أن تقيسوا المسافة بين بلدية أم آفنادش في الحوض الشرقي وبلدة الحويطات في شمال تكانت.

حدثني كذلك سعادة السفير محمد الأمين السالم ولد الداه أنه عندما كان واليا لتكانت، كان دومان الشخص الوحيد الذي يدخل مكتبه وداره دون استئذان. وعندما زار معاوية ولد الطايع تكانت، قال لي ولد الداه انظر إلى معاوية إنه لايبتسم إلا لدومان، واذكر وقتها أن دومان كسر البروتوكول حيث كان يسير إلى جنب الرئيس والوالي محمد كابر ولد خطري يسير وراءه. أذكر كذلك حجم الاعجاب والتقدير الذي يحمل سعادة الوزير محمدو ولد ميشيل وغيره الكثير والكثير من رؤشاء ووزراء وسياسيي ورجالات هذا البلد لهذا الرجل، الذي عاش رجل دولة كما يرضى لنفسه ورحل رجل آخرة كايرضى له ربه. لم تنسه دنياه في آخرته.

بعد رحيل أختي الزينة عليها رحمة الله وأزكى صلواته وبركاته وسلامه، لم يعد انواكشوط بالنسبة لي هو انواكشوط الذي أعرف قبل 2011 ولا الحويطات هي الحويطات ولا موريتانيا هي موريتانيا، فقد باتت كل تلك البقاع والأماكن موحشة، مقفرة، بلاطعم ولا رائحة ولاهواء، وسبحان الله، كم هي موحشة الحويطات بلا دومان، كم هي مقفرة تكانت بلا دومان، كم هي بلا طعم ولا رائحة ولا هواء موريتانيا بلا دومان. إني لأشفق على الأهل والعشير والوالي والحاكم والعمدة، ليس من قلة نحن، ولامن إفلاس نحن، ولا من جشع نحن، ولكن من فقد دومان. كم تيتمت الحويطات، وكم ترملت تكانت من فقد دومان، وياله من فقد فقدته موريتانيا من الرئيس إلى الوالي إلى الحاكم. كم فقدت من صاحب رأي سديد وتوجيه حكيم.

عزائي للحويطات ولرابطتها، لشعبها وبطاحها وصخورها ولمسجدها العتيق. عزائي للرشيد ولبلديته التي ستفتقد دومان أو من يقترحه دومان. عزائي لتجكجة ومجالسها التي لن تجد من يملأ مقعد دومان.

في آخز زيارة للحويطات كانت طريق تجكجة أطار على مشارفها وكان هناك مقترح بفعل أمر ما يحتاج فاعلا مقيما بالقرية ،، عندها نظر إلي أحد الشباب قائلا : نفتقد دومان.

لمام ول أمحمد ول أعمر



هو لمام ول امحمل اعمر العالم الورع الشاعر، من مواليد تكانت فيها أخذ الكثير من علومه ، سافر إلى أبي تلميت وتحديدا حاضرة أهل الشيخ سيديا حيث أقام بها 20 سنة ،كان كاتبا خاصا لباب ول الشيخ سيديا ومن ماقال :




رمتنيّ عن كره يد الحدثــــــــــــــان ** فأبديت مااخفيه من ولهــــــــان
لقد زاد بثى إذبدى لي موهنــــــــــــا ** بريق على أرض الحبيب يمان
جعلت يدي من تحت خد هشيمــــــة **ومرفقها فى الترب حين شجانى
فلمارأيت الصبح قدلاح ضــــــــوءه **ركبت عالى السنان هجـــــــــان
وعملته فى الأرض يفري حزونهــا ** لتذهب مايشكو من الهيمــــــــان
فجد يجيب البيد عدوا كأنــــــــــــــه **هجف يثير النقع بالذمــــــــــلان
فزالت همومي وأعترتني راحــــــة **وقد صرت من بعد العنا بأمــــان
إلى الله اشكو نأيي وغربتــــــــــــى **وماقد لقيت اليوم فى جــــــــولان
بأرض بها أهلون ليسوابأهلنـــــــــا ** بعيدا عن الأوطان منذ زمــــــان
وأي أمرئ أمسي الجلا قريـــــــنه ** لفى محنة بين الورى وهــــــوان

وله ايضا:

يامن رأي أثري عند البشــــــــــام **فقال ذا يجنى حب البشـــام فـــــلا
أريد إلا الســــــــواك بــــــــــــــه **لأن المروءة تأبي غير ماجمــــــلا

قيل لي أيضا أن هذه الرائعة المعروفة له :

ياراكبا بلغ تحيـــــــــة ذي ودي ** أحبتنا إن كنت تلقاهموبـــــــــــــــعدي
تحية محزون يبيت ودمـــــــــعه ** من الشوق والتذكار يجرى على الخد

وقل لهم إنى وإن كنت نائــــــــيا ** مدى الدهر باق ماحييت على العـــهد

وله ايضا من قصيدته الطويلة :قصيدة طويلة له يحن الى تكانت ويفتخر بأهله هناك وهو في محظرة اهل الشيخ سيديا حيث يقول :

أولائك قوم للمكارم شأنهـــــــــــــــــم **وكان لهم عما يعاب نفـــــــــــار
اذاقيل اين الجود والعلم والتــــــــــقى ** الى كنت حقا با لأكف يشـــــار
مطاعن بسل اهل بأس ونجـــــــــــــدة**مطاعم في اللؤوى كرام خيـــــار
وهم في الوغى بين الصفوف ضراغـم**وهم في الندى عند السؤال بجار

الخميس، 14 مارس 2013

باب أحمد ولد حمه الأمين



ولد علمنا السيد باب أحمد ولد حمه الأمين سنة 1936 في الكرباله من ولاية البراكنه، لأبيه البكاي بن حمّه الأمين حفيد الشيخ سيد المختار الكبير الكنتي، ولأمه فاطمه بنت أبنو عمر الأبييريه. وقد فقد أباه صغيرا، لكن ذلك لم يفتّ في عزيمة الأم الصالحة التي ربته أحسن تربية، فحفظ القرءان الكريم في سن مبكرة، ثم نهل من معين حضرة الشيخ المربي سيدنا بن حمادي بن زين العابدين بن الشيخ سيد المختار، ومن هناك انتقل إلى بوتلميت.
ذكرياتي مع الفقيد
في سنة 1957 التقيته لأول مرة في بوتلميت، عندما وفدت للدراسة في معهدها العربي الإسلامي، الذي أنشأه الشيخ المصلح والداعية الكبير عبد الله بن الشيخ سيديا رحمه الله، بدعم من حكومة مستعمرة موريتانيا، لاستقبال الطلبة الموريتانيين وأبناء مستعمرات إفريقيا الغربية، قبل أن يتحول إلى مؤسسة وطنية بعد الاستقلال.
وبما أنه سبقني في الانتساب إلى المعهد، استقبلني بكل حرارة وغمرني منذ الوهلة الأولى بالعناية، متفانيا في خدمة الجميع، خاصة نحن الوافدين الجدد إلى الحياة المدنية، والدراسة في مؤسسة تختلف عما عهدناه في المحظرة من قراءة متن واحد، بينما كان المنهج الجديد غاية في التكثيف والصعوبة، إذ تحرص الإدارة على أن يستكمل الطالب في أربع سنوات المتون التي كانت تدرس في المحظرة خلال عشر سنوات، مثل الألفية والكافية ولامية الأفعال ودواوين الشعر المعتمدة والعروض ومختصر خليل، إضافة إلى الحديث والأصول وصحيحي البخاري ومسلم وبعض كتب العقيدة، وقبل ذلك القرءان الكريم لمن لا يحفظه. ولم يكن بالمعهد من المراجع ما يكفي للطلبة، وهنا برز دور بابا أحمد الذي أعطاه الله موهبة في نسخ الكتب، فكان يوفر لعدد من الطلبة نسخا من المراجع المقررة مثل احمرار ابن بونه على الألفية، وطرة الحسن بن زين على اللامية، وغيرهما من أنظام وفتاوى العلماء الموريتانيين التي لم تكن قد طبعت؛ فتكاد لا تراه إلا منكبا على درسه أو ناصبا ركتبه اليمنى لنسخ كتاب، وساقُه مخضَبة بالمداد الأسود والأحمر. ويعود له الفضل في انتشار العديد من النصوص النادرة التي لم تكن متوفرة إلا في مكتبة أهل الشيخ سيديا، مثل مؤلفات الشيخ سيدي المختار الكبير وابنه الشيخ سيدي محمد. ولم يكن ذلك يمنعه – كآخرين - من القيام بنوبته في خدمة المجموعة، التي كانت في سنوات المعهد الأولى تعتمد في بعض جوانب حياتها على العمل الذاتي.
وكان بابا أحمد في الوقت نفسه أثيرا لدى الأساتذة المدرسين، فقدمنا لهم ووفر علينا كلفة التأقلم، فاحتضننا معظمهم كالمرابط محمد عالي بن عدود أستاذنا في المختصر وابنه محمد يحيى أستاذنا في الألفية، وأحمد بن مولود بن داداه الذي يدرّسنا الشعر العربي والبلاغة، وغيرهم رحمهم الله جميعا. ومن ذلك اليوم ظل بابا أحمد أخا ناصحا وصديقا وفيا، رغم الفرقة التي فرضتها ظروف العمل، وأدت أحيانا إلى الابتعاد عن الوطن.
المعلم الباني
بقينا معا حتى سنة 1960، لأنضمٌّ إلى الإذاعة، ويلتحق هو في العام التالي بالتعليم، فيتنقل داخل البلاد، معلما في الحوض وكيديماغا والعصابة ثم تكانت، حيث أصبح مدير مدرسة حلّة أولاد سيد الوافي المتنقلة أيام الترحال، ثم مديرا للمدرسة الابتدائية عند انتقال المجموعة إلى الرشيد؛ وهي فترة في غاية الصعوبة على سكان الوادي بل على تكانت والبلاد بشكل عام، لأنها بداية موجات الجفاف الذي أصاب الزرع والضرع، وشرد السكان؛ وأمام هذه الظروف القاسية ظهر معدن الرجل على حقيقته، من همة وصلابة؛ تحت ثوب من الوداعة الفطرية وطيب المعشر؛ إذ لا تراه إلا ضاحكا أو مبتسما، وسيطا بين الناس لا يستعصي عليه حل معضلة. فكان المعلم المجتهد والمدير المتنور، والمساعد النافع لأهله وقومه، يسير في مقدمتهم في معركتهم ضد الجهل والفقر والعزلة، وفي عملهم لتشييد حاضرة الرشيد الحديثة، بعد النزوح من البادية، باذلا علمه وجاهه وماله ليس في عمله الرسمي فقط، وإنما أيضا في المسجد ومدرسة ابن عامر، وحلقات التوجيه والإرشاد الدورية، وفي العمل الطوعي.
وظل سيّدي – كما يحلو للسكان أن يخاطبوه – قطب الرحى، الأب والأخ والصديق، لم يسجّل عليه في أي يوم انحياز في خلافات أو تبني موقف ناشز، أو تقاعس عن مكرمة أو بذل في أعطية أو مداراة؛ صَالحَ بأخلاقه العالية بين السكان والحكومة. إذ أن أهل الرشيد الذين نُكبت دشرتهم سنة 1908 ببطش الاحتلال - الذي ضربها بمدافع الميدان في سابقة لم تُعرف لغيرها في موريتانيا – عاشوا كالمطارَدين طيلة عقود الاحتلال، ينظرون إليه كعدو داهم، يحرّمون منافعه والاختلاط بممثليه، شاردين بدينهم في الصحاري والجبال. ولم تبذل الإدارة بعد الاستقلال جهدا لتغيير الصورة، وظل الناس مرتابين من ماهيتها، وهل هي سلطة مسلمة خالصة، أم بها شائبة من النصارى؟. وبتدينه الراسخ وسلوكه الملتزم جسد سيّدي – مدير مدرسة الحكومة - أول دليل قوي على أن شيئا قد تغير، وأن "ولاّت انْصارَ" قد انسحبوا معهم. فكانت تلك بداية لنظرة إيجابية إلى السلطة القائمة، مما جعل الناس يُقبلون على تسجيل أبنائهم وحتى بناتهم في المدرسة الرسمية، التي أصبحت إعدادية ثم ثانوية، وتخرج فيها العشرات، المسلحون بالمعرفة في مواجهة وطأة المشاكل نفسها: الفقر والجهل والعزلة، وكلهم يدينون للرجل بأفضاله.
وظل بابا أحمد في الرشيد حتى سنة 1984 لينتقل إلى نواكشوط كمراقب في الثانوية، ثم باحثا في المعهد العالي للدراسات الإسلامية، متفرغا لنشاطه العلمي، الذي غذى به جل مقتنيات زاوية الشيخ سيد المختار من الكتب، حيث كان أحد مؤسسيها، ضمن عشرات المبادرات الخيرية التي كان حريصا على أن لا يغيب عنها.
إن رحيل الفقيد يترك فراغا كبيرا في موريتانيا، وفي الرشيد بصورة خاصة، وعزاؤنا في ما له من مئاثر خالدة، وفي وجود أسرته الكريمة، التي تربت في كنفه، وتحت رعايته، فهي إن شاء الله خير خلف لخير سلف.

محمد محمود ودادي

من نحن


العطاء الكنتي مدونة تهتم بما قدمه أعلام هذه القبيلة سواء تعلق الأمر بعلوم الشريعة الإسلامية أواللغة العربية أو الفن أوالكرم وجميع مساهماتهم فى الحفاظ على موروث السلف الصالح من قيم فاضلة ترتقى بها الإنسانية .

الأربعاء، 13 مارس 2013

الأميرالشيخ علواته ولد بادي ولد حمادي


بسم الله الرحمن الرحيم
نواكشوط 10 مارس 2013
بيان

لقد خسرت الأمة الإسلامية ومنطقة الصحراء الكبرى ليل الجمعة الماضي الموافق 8 مارس 2013 , أحد الأعلام الكبار وهو الشيخ علواته ولد بادي ولد حمادي , أمير منطقة أزواد الذي انتقل إلى جوار ربه فــــي مدينة "قاوه " بمالي .
وبهذه المناسبة الأليمة , فان لفيف الرموز التقليدية للجماعة الكنتية بموريتانيا , ترفع أحر تعازيها القلبيــــــة لأسرة الفقيد ممثلة في شخص صنوه: السيد عمّه ولد بادي وعبره إلى كافة ساكنة أزواد قبائل ومجموعـــات مختلفة وكذالك إلى المجموع الكنتي في كل أرجاء المنطقة : من المغرب وحتى بوركينا فاسو ومن السنغال إلى ليبيا .
ولقد كان الفقيد سليلة دوحة كريمة من الزعامة الروحية والزمنية بدولة مالي , شمل تأثيرها وإشعاعهـــــــا جميع أنحاء شبه المنطقة , لكونها تستمد مشروعيتها من الميراث المجيد للشيخ ســـــيدي المختــــــار الكنتي ( الشيخ الكبير ) الذي أفاض منطقة السودان وتخومها بعلمه , ودعوته وحرصه على نشر السلم بين كــــــل مكونات الإقليم , وهي السياسة التي انتهجها بإصرار ونجاعة خلفائه من بعده .
وتشكل الذاكرة التاريخية لمدينة "تمبوكتو"خير شاهد إذ أن تلك المدينة الأسطورية تدين بإنقاذها من النهب والإبادة , أربع مرات مختلفة لتدخل الشيخ الكبير أو خلفائه من بعده.
• ففي عام 1771, تدخل الشيخ سيد المختار الكنتي من أجل انقاذ تمبوكتو من حصار طوارق " تادمكه " المنتقمين لاغتيال زعيمهم " اكتيتي " على أيدي الرماة ( حكام تمبوكتو).
• ونجح الشيخ سيد محمد الخليفة عام 1825 في إقناع " فلان ماسنة " برفع حصارهم عن المدينة على أن يضمن لهم تمثيلا رسميا لدولتهم الجديدة معترفا به من ساكنة تمبوكتو .
• وأيضا نجح الشيخ سيدي المختار الصغير الملقب بادي وهو الخليفة الثاني عام 1847 في إعادة السلم للمدينة بعد تمرد سكانها على سلطة " فلان ماسنة " .
وقد اضطر الشيخ للإقامة بتمبوكتو لضمان احترام الاتفاق الذي رعى , حتى توفي بها. و يوجد ضريحه في الجزء الشمالي الشرقي من تمبوكتو , حيث تعرض القبر العام الماضي للتدنيس من طرف القاعدة تماما كما فعلوا بالمدافن الكبرى للمدينة ومن ضمنها ضريح الشيخ سيد أحمد بن أعمر الركادي الكنتي وهو مـــــــزار كبير غربي تمبوكتو يطلق عليه مقبرة الأولياء الثلاثة .
• أما التدخل الأخير لصالح المدينة فكان عام 1864 , وتم على يد الخليفة الثالث الشيخ سيد أحمد البكـــاي الذي أستطاع تجنيب "تمبوكتو" الحرب إثر تحالف سكانها مع الطوارق ضد سلطة دولة " فلان ماسنـــــه " حيث ضمن الاتفاق بقاء قاض وجاب " من ماسنة في المدينة مقابل انسحاب الحاميات العسكرية منها. ويحتفظ سكان تمبوكتو بذكرى عطرة لهذا الشيخ المنقذ إذ أنهم أطلقوا اسمه على أكبر ثكنة بالمدينة بعـــــد الاستقلال .
وتختزن أيضا تمبوكتو وهي المدينة الحاضنة للتاريخ والثقافة الإسلامية بمالي في ثناياها ميراثا كنتيا آخـــر ذو بصمة لا تزول ذالك أن ما يناهز 60% من مقتنيات مركز أحمد باب التمبوكتي للمخطوطات ترجـــــع لعلماء وفقهاء كنتيين .
ومن بعد هؤلاء الأوائل ذي الذكر الخالد شكل باستمرار من جاء بعدهم : حمادي , سيدي علواته , الميمون , بادي وصولا إلى علواته الراحل حجر الزاوية في استقرار منطقة أزواد والمحافظة على وحدة الكيان المالي وتعانق شعوبه .
ولم يكن لحالة الفوضى وعدم الاستقرار التي سادت مالي وأزواد منذ عام 1991 , أن تظهر إلا بعد رحيــل الأمير بادي ولد حمادي وابن عمه بودمعة ولد سندي ( منطقة هاري بندا ) الذي كان نائبا في البرلمـــــــــان المالي وشيخا دينيا كبيرا نافذا إبان حكم الرئيس موسى أتراورى . فقد أدى تراجع مكانة الأمراء التقلـــــيدين الذين لم يعودوا يحظون بنفس المكانة والاعتبار من طرف الحكم المركزي المالي , إلى إيصال المنطقة إلـى خلخلة القواعد بشكل مستديم ومأساوي بحيث أودت المفاعيل المتراكمة بالجميع في أتون الكارثة الحالــــــية بالساحل .
إننا نضع الجميع , الحكومة المالية أولا , فرنسا والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا أمام مسئولياتهم اتجاه الإمارة التقليدية الكنتية بمالي التي فقدت خليفتها في هذا الوقت العصيب الشيخ الأمير علواته الذي تأتــــــي وفاته أياما بعد عودته من اختطاف جبان وإجرامي نفذه أعداء الإسلام والوحدة المالية وكل أمان وازدهـــار لسكان شمال مالي , نعني بذالك مهربي المخدرات بمنطقة "تلمسي" الذين أضحوا يلتحفون بسلفية حركــــة التوحيد والجهاد بغرب أفريقيا والذين لا يزالون يواصلون فسادهم وبغيهم في أرض قاوة.
لقد دفع المرحوم "علواتة" ضريبة كبرى بشجاعته وجرأته في الوقوف علانية وبكل صدق مع وحدة شعبه وبلده .
أن عاصمة الإمارة بلدة " أكمهور " تحتاج اليوم إلى الحماية العسكرية والمعونة الغذائية والطبية . فالأمير علواته لم يقبل في حياته أبدا الرحيل عن أرضه أو اللجوء بمن معه إلى الخارج كما اضطر إلـــــــى ذالك الكثيرون في أزواد والآن وبعد شهادته في سبيل دينه ووطنه وشعبه يتعين على الحكومة المالية وكــــــــل الأطراف الفاعلة أن تكون على قدر التحدي وإلا فإن الضمير الجمعي الكنتي سيشعر بالخذلان من تقاعس تلك الأطراف عن النهوض بمسئولياتهم السياسية والأخلاقية والإنسانية .
كما نهيب بالحكومة الموريتانية وعلى رأسها فخامة الرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز الذي كانت لـــــه البصيرة النافذة لاستبانة خطر الإرهاب وامتلك الشجاعة لمحاربته مبكرا في أوكاره بشمال مالي , واستنهاضا لروح المسئولية لديه وتأسيسا على اهتمامه الراسخ بالعمل على وحدة واستقرار الجار المالي , إلى استخدامه لنفوذه الكبير لدى جميع الأطراف الفاعلة بالشمال المالي للتعاطي الجاد والسريع مع هــــذه القضية الملحة والتي تشكل مصدر انشغال كبير لطيف واسع من الشعب الموريتاني الذي يرتبط فـــــــي مجموعه بالشعب المالي عبر أواصر الدين والقربى والجيرة والتاريخ المشترك .

عن المجموعة خطاري ولد باب ولدحمادي

الشيخ بن سيدن بن حمادي الكنتي


من أعلام المدرسة الكنتية المعاصرين /الشيخ بن سيدن بن حمادي الكنتي>الحمد لله الذي جعل للعلم حملة عدولا و بوأهم مكانا عليا و حصَر خشيته عليهم فقال جل وعلا(انَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) كما بين صلى الله عليه وسلم عدالتهم كما في الحديث عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " . رواه البيهقي. و من بين حملة العلم في هذا الجيل عالم رباني يتحاشى الأضواء ووسائل الإعلام لم يظهر أبدا على شاشة تلفاز ولا تكلم في مذياع و لا في شريط نبذ الدنيا وراء ظهره و اشتغل بما خُلق له ، لم يرض عن حياة المدينة فاستوطن البادية ، تحديدا في مكان يسمى عريظ على بعد 30 كلم شرقي مركز مال الاداري بولاية لبراكنة.
لم يضع لبنة على لبنة رغم مراودة بعض التلاميذ له ببناء دار له يقطنها فكان يجيبهم هيهات هيهات إنما أنا مسافر تكفيني شجرة وعما قريب سأظعن عنها.
نسبه و مولده و نشأته
إنه الشيخ بن سيدن بن حمادي الكنتي المولود في حدود 1925 بضواحي مقاطعة مكطع لحجار بولاية لبراكنة ،من ابوين صالحين .فنشأ و تربى في بيت علم و صلاح و عز و سخاء والده : سيدى محمد الملقب ( سيدن ) ولد حمادي ولد باب أحمد ولد امحمد ولد زين العابدين الملقب ( بكر الطهارة ) ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي.وأمه : فاطم بنت سيد امحمد ولد البكاي ولد باب أحمد ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي .
رحلاته العلمية :
1- رحلته العلمية داخل منطقة آفطوط
تلقى مبادئ العلوم الشرعية في محظرة والده سيدي محمد ولد حمادي الملقب ( سيدن )الذي يعد من أبرز أعلام العلم و التصوف و الصلاح و السخاء و الفطنة و الذكاء. و كان شيخا مربيا ضربت إليه أكباد الإبل من كل حدب و صوب لزيارته و الأخذ عنه ، فكان مرشدا و معلما و مربيا من الطراز الأول توفي سنة 1968م رحمه الله ، دفن شرقي مركز (مال الاداري ) قرب مكان مأهول بالسكان الآن يدعى ( لكويسي أو اصليليحة ).
و بعد أن حفظ الشيخ القرآن في محظرة والده و قرأ بعض الكتب الفقهية و النحو و السيرة النبوية ، تاقت نفسه للرحلة في طلب العلم خارج المنطقة فالتحق أولا بمحظرة أواه ولد الطالب ابراهيم التاگاطي بضواحي مقاطعة مكطع لحجار، ثم عمل الرحلة إلى حافظ المذهب - مالك زمانه و سيبويه عصره و أوانه لمرابط: أباه ولد محمد الآمين اللمتوني وتقع محظرته في الحدود الشرقية لولاية لبراكنه وعلى الغرب من ولاية تكانت ، عرف بكثرة العلوم و الطلاب وقد حدثنا الشيخ أطال الله بقاءه و متعنا به عن شيخيه فيقول : ((لا أعلم أحدا في آفطوط أكثر علما من لمرابط (اباه ولد محمد الآمين اللمتوني . ولا أعلم أحدا في آفطوط أشد ورعا من لمرابط (أواه ولد الطالب ابراهيم التاگاطي) ، ثم يردف قائلا (( لمرابط أواه رجل صالح)) .ويقول ((زمني في التلاميذ عند شيخي لمرابط أباه ولد محمد الآمين كان كثيرا ما يقد مني للصلاة بهم رغم حداثة سني)) .
2- رحلته الى مدينة ولاته
ثم انتقل وشد الرحال الى مدينة ولاته طالب علم ، قال وجدت بها محظرة زاخرة بأنواع العلوم الشرعية و شيخنا المدرس بها يدعى: شيخنا امحمدي ولد سيدي عثمان الولاتي لا يرد لوحا عبارة عن كثرة معارفه ووجدت بها رجلا من أولاد بوسيف يدعى الشيخ سيدي محمد ولد عابدين ولد حيبلل الولاتي عالما جليلا و محدثا لا يباري في الحديث وهو حموى الطريقة ، و عندما وصلت محظرة ولاته علم بي فأتاني و طلبني بالذهاب صحبته إلى داره و كانت قريبة من المحظرة ، فقال لي هذه البلاد ليست آمنة إشارة منه إلى الحرب التي دارت رحاها بين تنواجيو من جهة و تلامذة الشيخ حماه الله من جهة ثانية بل كادت أن تكون حربا عقدية بين المحسوبين على الطريقة القادرية والمسوبين على الطريقة الحموية لولا عناية الله تعالى بعباده المومنين ولطفه حيث خمدت نارها ونزع فتيلها فرجع الناس اخوة كما كانوا قبلها.
ويذكر الشيخ أنه لما توفي العلامة المحدث الشيخ سيدي محمد ولد عابدين ولد حيبلل الولاتي رآه بعض مناوئيه من علماء وصلحاء تنواجيو في النوم وقد حضره ملائكة العذاب وأ، الشيخ سيدي المختار الكنتي جاء يحمل ربقة فقال مخاطبا ملائكة العذاب لدي ربقة اذا دخل رأسه فيها فأنا ذاهب به وان لم يدخل فشأنكم به قالوا فقاسها عليه فدخل فيها رأسه وذهب به الشيخ فأعتقدوا أنها ربقة الاسلام.
قال وقد لقيت بولاته (اگيگ ولد أبّ عمُرالولاتي) وكنا وقتها نصلي في المسجد فلما قضيت الصلاة سألني عن هويتي وقال ضمن كلامه أنت رحالي؟- رغم إني لم أسمع بتلك الكلمة لكن فهمت أنه يعني أهل البادية - فقلت : بلى لكن علمت أنه غير راض عن تواجدي في محظرة ولاته وهو صاحب الحل و العقد بها ، لكن كنت مصرا على أن لا أفارق التلاميذ في المحظرة ، ثم ألح علي المحدث البوسيفي الكنتي الحموي أن أغادر المحظرة و أسكن في داره قائلا لا آمن عليك إذ يرى أن حياتي معرضة للخطر – وليس في المدينة أكثر مني علما ،وسأعلمك فلم أكترث بما قال ولم استجب لطلبه وبقيت في المحظرة بين الطلبة وخلت تعاطفا غير معلن معي من طرف شيخ المحظرة شيخنا امحمدي ولد سيد عثمان الولاتي.
هذا وقد مكث الشيخ في محظرة ولاته سنين لا أحصيها بالتحديد حتى أكمل دراسته وصار عالما و شاعرا .
بعض المرائي والطرف في ولاته
سمعته يقول - أطال الله بقاءه ومتعنا به زمنا طويلا- : زمني في محظرة ولاته كنت كثيرا ما أبيت عند ضريح جدنا الشيخ سيدي احمد البكاي الكنتي أقرأ القرآن وأراجع ما قرأت ، وكنت ألاحظ عند ضريحه اعتدالا في الجو فلا أحس بالبرد زمن البرد ولا بالحر زمن الحر. واتفق أن رأيته ذات ليلة في النوم فقلت يا شيخ أنا مقيم بمحظرة ولاته ومعي محمد الآمين بن سيد أبّ كلانا طالب علم. و رجائي أن تضمننا على الله تعالى فقال لي الشيخ سيدي أحمد البكاي - وأنا في النوم طبعا – أعنّي بتقوى الله فرددت عليه إذا إتقيت الله تعالى فلا حاجة لي فيك .
وكان أطال الله بقاءه و متعنا به إذا قص هذه الرؤيا علينا يضحك واضعا يده على فيه كعادته وتسيل دموعه على لحيته حتى تخضل لحيته.
قال: وكنت نائما ذات ليلة عند الشيخ سيداحمد البكاي فإذا بامرأة عليها ملحفة سوداء قشيبة فمدت يدها بالسلام علي فقلت لست لك بمحرم قالت أوما تعرفني ؟ أنا ام المومنين بنت سيد الامين قلت لا أعرف هذا الاسم قالت تقولون لي أمّنْ بنت سيد الامين قلت حقا أختي في الرضاعة فسلمت عليها وسألتها قائلا عهدي بك مع أهلنا في "أگان" منطقة شمال مگطع لحجار قالت توفيت بعدك فنقلني الشيخ سيداحمد البكاي الى هنا قال فلما أصبحت كتبت تاريخ الليلة محددا الشهر والسنة فلما رجعت الى الاهل بولاية لبراكنة سألت عنها فقالوا توفيت رحمها الله فسألتهم عن تاريخ وفاتها فأخبروني به فإذا هو التاريخ الذي رأيتها فيه.
وسمعته يقول أيضا كنا دولة : يعني جماعة تدرس فنا واحدا ، أنا و محمد الآمين التنواجيوي ، ومحمد الآمين بن سيد أبّ الكنتي ، فطرح علينا أحد الولاتيين مسألة في الفقه فأفتيناه بمشهورالمذهب المالكي ثم ذهب إلى أحد أعيان علماء ولاته وكان عالما جليلا محدثا يدعى المرواني ولد اهل أبّ الولاتي ، فسأله عن المسألة التي سألنا عنها فأفتاه بخلاف ما قلنا فقال له السائل عندي فتوى تخالف ما أفتيت به فقال أعلم أنها صادرة عن "أطليبت اخليل" بالتصغير يعني طلبة الشيخ خليل ، فأنهى إلينا أحد الحاضرين الخبر فوجدنا على الشيخ المرواني الولاتي ، وقال محمد الأمين بن سيد أبّ - و كان رحمه الله عنه آية في العلم و الحفظ و الفهم - الصواب ما أفتينا به و ما قال المرواني خطأ لا يلتفت إليه فوقع سجال بيننا وبين المرواني في المسألة ،فلما نمت تلك الليلة وجدت فيما يرى النائم مالكا بن انس و أحمد بن حنبل و أبا حنيفة و الشافعي فقالوا لي إتركوا المرواني لا تتعرضوا له ما قال إلا حقا ونحن جميعنا متفقون وليس بيننا خلاف يذكر.
وسمعته يقول أطال الله بقاءه أدركت رجلا في مدينة ولاته يسكن منفردا وهو بهلول تصفه العامة بالجنون وذات يوم عزمنا بعض الولاتيين – نحن طلبة المحظرة – فلما وقفنا بالباب مستأنسين ننتظر الاذن من صاحب الدار إذا بالرجل البهلول يحمل قصعة كبيرة فسأله بعض التلاميذ عن مهمته فقال أريد ماء لأًغسّل به لأني مفارق للحياة الساعة فضحك منه الطلبة فقالوا مازلت على الحالة التي عهدناك بها فقال لست هازلا لكني ميت الساعة فناوله أهل الدار الماء فالتفت الي وقال لي : الشيخ أدركني فإنني ميت وأريدك أن تحضرني وكنت أتوضأ وقلت لا يفصلني عنك إلا أن أتم وضوئي وأستأذن أهل الدار الذين عزمونا فأتممت وضوئي وذهبت اليه فإذا به سبقني الى مكانه وقد وضع إناء الماء عند رأسه وسجّى جسمه برداء فسلمت فلم يرد علي فجلست وكشفت عن وجهه فإذا به قد فارق الحياة فأنعيته الى الناس وجهزناه وقمنا بتشييعه رحمه الله .
هذا وكان لي مع البهلول في حياته قصة من الطرافة بمكان وذلك أني لما أصبت بمرض ألم بي فنصحني بعض الناس بشرب لبن البقر الساخن فسمع البهلول بالخبر فدعاني فأتيته فقال لقد وجدت عليك لأمر فعلته وغاظني قلت: ما كان ينبغي لي أن أغيظك ولا أعلم شيئا عن الامر قال أنت مريض ودواؤك لبن البقر الساخن وأنا عندي بقرات حلوب وليس معي أحد وعدم طلبك مني الدواء أغاظني عليك والآن لا يزيل ذلك عني إلا أن تداوم كل ليلة على المجيء الي لتشرب اللبن عندي فقلت أفعل ان شاء الله فأتيته المرة الاولى فلما شربت اللبن سمعته يقول سرا هذه البقيرات لايذوق طعم لبنها أحد إلا غلبته نفسه عن الاستقرار عنه لشدة حب لبنها على الناس فصرفت نفسي عن ذلك كأني لم أسمعه فأتيته في الليلة الثانية فسقاني على عادته ثم قال لي : أتعلم أني أحبك أكثر من غيري قلت اللهم نعم قال أتعلم أني لا أحب أحدا في ولاته كحبي لك قلت نعم قال وتثق بقولي وتسمع نصيحتي قلت نعم قال هذه البقرات التي ترى لا يداوم أحد على شرب لبنها إلا مات سريعا وقد جرب ذلك وصح وهذه نصيحتي لك فعلمت أنه لا يريدني بعدها فأنهيت الأمر.
العودة الى الديار
يقول الشيخ : لما أنهيت دراستي طلب مني بعض الأعيان المقام في ولاته على رسم القضاء بين الناس فسكنت نفسي لذلك ، فلم أنشب حتى وصلني رسل والدي ،سيدن بن حمادي قادمين من ولاية لبراكنة، فقلت ما وراءكم فقالوا أرسلنا الوالد سيدن لتأتي معنا. و الرسولان هما أخي الآكبر : حمادي الملقب ( احميدي ) وأحمد لمرابط بن ابراهيم فال البصادي من أهل "ابيرألبن" بضواحي بوتلميت و كان تلميذا لوالدنا و قد قرأت عليه القرآن قبل ارتحالي عن الأهل ، و هو عالم جليل تقى نقي صالح لا يكاد يوجد له نظير لسانه رطب بذكر الله مستقيم زاهد ورع رحمه الله تعالى توفي في حدود 1995 ناهز المائة . ولما أنهيا إلى الخبر بطلب الوالد بالرجوع استخرت الله و استشرت رجلا وجدوني نازلا عنده من قبيلة ( لحمنات ) وكان رجلا لبيبا عاقلا يدعى : سيد امحمد ولد لخلاگة بكاف معقودة فقلت له على ديْن و هؤلاء رسل الوالد كما ترى فقال الرأي أن تلبى دعوة الوالد و الديْن على قضاؤه كاملا ، فاتصل بالدائنين ووفاهم حقهم كاملا على أحسن ما يرام .ثم سرنا قافلين إلى حيث مضارب حي الوالد في لبراكنة.
منهج الشيخ ومدرسته الاصلاحية:
كان مدرسة في هديه و سمته و دلّه : قدوة في الزهد و الورع و الاستقامة و التقوى و خشية الله تعالى ،مدرسة في الأخلاق و الإنفاق و بذل المعروف و الإرشاد و إصلاح ذات البين و سلوك منهاج السنة و الإقبال على الله بالكلية يكره البدعة و يتحاشى المكروهات و يواظب على السنن و المندوبات ، و مدارسة القرآن له حزب يومي من القرآن يقرأ ثلاثة أحزاب كل يوم في حله وترحاله وصحته ومرضه ، لا يدعه إلا اذا اشتد مرضه ، فإذا أحس بعافية استأنفه كان رفيقا بالضعفاء مشفقا على خلق الله حتى البهائم يظل زمن الحر يضع الماء تحت الشجر للطيور البرية و في جانب البيت (الخيمة).
مدرسة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحياء نهج السلف الصالح مدرسة في التواضع و العفة والكرامة و التودد إلى الناس يعرف الفضل لذويه لا يغتاب عنده أحد و لا يزدري أحدا و لا يتطاول ولا يتفاخر ، ولا يبطر غاضا للبصر يمشي على الأرض هونا مطأطئا رأسه ، وربما جعل يديه وراء ظهره لا يفتر عن التسبيح في جميع أحيانه لا يقهقه في ضحكه جل ضحكه التبسم وإذا ضحك وضع يده على فمه جاعلا سبابته بجانب أنفه يداعب الصبيان و ويباسطهم و يسابقهم. مكرما للضيوف و الجيران ينفق ما عنده ابن وقته لا يكترث بما مضى ولا يأسف على ما فاته ولا يفرح بما أوتى ولا يتشوف للمستقبل مداوما على قيام الليل كثير التفكر.لا يرى لنفسه خصوصية ،أتذكر ذات يوم وكان يوما شديد الحر وأنا مضطجع بجانبه و معنا بعض تلامذته إذ جاءت فرس لنا تريد الماء فلما أبصرها قام إليها وأخذ إناء وحل القربة فنهضت إليه فقلت له لو نبهتنا فنحن أولى بذلك فقال ما الفرق بيني و بينكم وكان يكرم الخيل وهي أحب الحيوان إليه ويقول الاثر (الخيل معقود في نواصيها الخير) .
محافظا على مواقيت الصلاة رغم أنه لا يرتدي ساعة ولا يقتنيها ولا يستمع إلى مذياع و مع ذلك لا يدخل الوقت إلا أحس به فكان أول من ينبهنا على الوقت فيقول أذنوا الوقت دخل آنفا فأنظر ساعتي فإذا به كما قال وكنت أتعجب لذلك وربما كان نائما فإذا دخل الوقت فتح عينيه الكريمتين وقال الوقت دخل آنفا ، رغم انه لا يستمع إلى مذياع كما أسلفت و مع ذلك حريص كل انتهاء نشرة اخبار على سؤالنا عن أحوال المسلمين في أقطار الدنيا يواكب الأنباء ويدعو دائما للمسلمين بالنصر والغلبة والتمكين على أعدائهم .
لا ينبهر بالحضارة ولا يلتفت إلى شيء من متاع الدنيا ، وكثيرا ما يقول : الدنيا غدارة مكارة ظاهرها سرور وباطنها ويل و ثبور ويقول الدنيا إنما خلقت للزوال فهي دار امتحان لا دار بقاء فتزودوا منها للدار الآخرة التي هي الحيوان ، فالويل كل الويل لمن اغتر بالدنيا وركن إليها و اشتغل بها و نسى ما خلق له وهو معرفة الله وعبادته وإنما الدنيا مطية الآخرة لمن أحسن ركوبها ، (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ).
ويحثنا دائما على تقوى الله ، ويقول ما عند الله خير و أبقى وما عند الله لا ينال إلا برضى الله ويقول (العاقل من لا يدخل نفسه في أمر يكره أن يأتيه الموت بغتة وهو متلبس به)، ويقول (العاقل من أغلق باب الشر كلية وفتح باب الخير فجعل فيه ما استطاع إليه سبيلا ).
ويحثنا على طلب العلم لوجه الله تعالى وتعاهد القرآن ، وإذا جلس أحدنا عنده قال خذ تفسير كذا واقرأ لنا من الآيه كذا ، وربما شغلنا طيلة اليوم بالمطالعة وربما نام فإذا استيقظ قال توقفت عند كذا فأتمم لنا وتارة يأمرنا بالبحث في قواميس اللغة مع انه كان مرجعا في اللغة ، لكن يريد أن يعودنا على المطالعة و الاشتغال بالعلم .
تأسيس المحظرة
لما انهى دراسته و رجع إلى موطنه الأصلي أسس محظرة فقصدها بعض الطلبة ، و جلب بعضا من الطلبة من دولة السنغال و بالتحديد قرية أهل بو نعامة الكنتيين و تسمى (انجاصان) قرب ولاية تواون .وكان يأخذ أساتذة القرآن لتدريس أبناء الحي قبل أن يرزق بأولاده الأربعة وهم حمادي ،و سيدي المختار و سيدامحمد و سيدي حيبلل و عقلت أنا عليه يدرسنا الفقه و النحو و السيرة النبوية و الشعر الجاهلي ، ويفرض لمعلم القرآن راتبا و لباس عياله كل عيد و نفقته و نفقة عياله بقدر من الزرع يحدده بعض في الشتاء و بعض في الصيف و ناقة أو بقرة حلوبا.
أوفد إليه زميله محمد الأمين الشيخ التنواجيوي من عرضوا عليه أن يتبع محظرته لمدارس ابن عامر ففعل و طلب منهم فتح مدارس قرآنية لبعض الجيران و الأخوة ففعلوا و سموه مفتشا عاما . ثم بعد ذلك أعلن لهم استقالته قائلا لا وقت لي و تخلى عنها .
مؤلفاته وانجازاته العلمية :
1- تحفة الحميم في ذكر بعض ما تشير اليه حروف بسم الله الرحمن الرحيم و بهامشه ملتقطات لصاحب الكتاب تجلى الخفي و تؤيد الجلي .
2- رسالة في التصوف الى مريده سيدي امحمد ولد عابدين الكنتي ( ابوه ) مخطوط بخط التا ولد الشيخ عبد الرحمن الاجيجبي
3- رسالة في حكم تمدرس البنات
4- شرح قصيدة له تتعلق بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مخطوط
5- رسالة جوابية في التصوف لأحد مريديه بالمغرب يدعى محمد المختار ولد سيد أب الكنتي
6- رسالة لمحمد الآمين الشيخ التنواجيوي تفسير رؤيا طلب من الشيخ تفسيرها/ مخطوط
7- عجالة تحث على اصلاح ذات البين
8- عجالة في السياسة رد بها على القاضي المحلى محمد بن سيد اوبك الكنتي
9- نظم للسجود في القران
10- ديوان شعر تتوزعه أغراض التوسل و الرثاء و النصيحة و الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر الى غير ذلك .
بعض من أخذوا عنه :
أخذ عنه خلق كثير منهم على سبيل المثال لا الحصر :
1- الشيخ و الاستاذ باب احمد بن حم الأمين ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي رحمه الله تعالى كان قيما على زاوية الشيخ سيدي المختار الكنتي بنواكشوط و إماما لها قبل أن يجاور بمكة المكرمة زادها الله شرفا .وبها توفي في فبراير 2012 و دفن بجوار والدته بالمعلى وكان فقيها زاهدا و رجلا صالحا و مدرسا نظاميا.
2- الشيخ سيدي محمد ولد سيد اعمر الركادي الكنتي
3- محمد يسلم ولد شماد المتغنبري برلماني سابق
4- الشيخ سيد امحمد ولد الشيخ ولد عابدين ( ابوه ) ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي
5- محمد المختار ولد سيدي اب الكنتي ( لعيون المغرب )
6- باب ولد الخليفة ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي
7- خديجة بنت سيدي الآمين البوسيفية الكنتية
8- البكاي ولد سيدن ولد سيد أعمر ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي
9- ابنه : سيدامحمد ولد الشيخ ولد سيدن ولد حمادي
10- اسلم ولد الشيخ الناجي ولد الشيخ محمد فال الآديلكي
11- الشيخ ابا ولد التا ولد الشيخ عبد الرحمن الاجيجبي
12- الشيخ جوب من قرية انجاصان سنغال
13- سيدي بابو سنغال
14- عبد الرحمن بن بونعامه سنغال
15- سيدي المختار بن ابو بن بونعامه سنغال
16- سيدي يحي بن ابو بن بو نعامة سنغال
17- حمادي ولد باب احمد ولد عابدين
18- باب ولد الشيباني
19- محمد ولد شيخنا ولد الشيخ ولد عابدين
20- محمد ولد الشيخ ولد البكاي ولد عابدين
21- بدو ولد السالك الدماني
22- احمد سالم ولد حبيب الله الفلالي
23- ديدي ولد ادويسو (عبد الله)
و غيرهم كثير و من قبائل شتى أعرضنا عن جلبها خشية الإطالة
بعض كراماته رضى الله عنا و عنه و متعنا ببقائه زمانا
أجرى الله على يديه كثيرا من الكرامات و الخوارق و المكاشفات و استجابة الدعاء . و من ابرز كراماته :
• الإستقامة في الدين و متابعة السنة مع كرهه الشديد لألوان البدع و مخالفة السنة .
• و منها ما أخبرني به محمد الآمين الشيخ التنواجيوي مؤسس مدارس ابن عامر رحمه الله تعالى ، و كان صديقا حميما للوالد الشيخ قال كنا في محظرة ولاته و كنت أصغر منه سنا وكنا إذا أقرأنا أستاذنا الدرس أخذ بأذني و خرجنا إلى فضاء فيراجع لي ما قال أستاذنا و يفيض علي بما لم يقله الشيخ مما فتح الله به عليه. ومما شاهدت منه أننا كنا ذات ليلة في غرفة من المحظرة و معنا تلميذ آخر و قد نمنا عن نافذة مفتوحة فلما تأخر الليل إذا بدابة بشعة فظيعة المنظر لم أر مثلها بشاعة و فظاعة فقصدتني فلم استطع كلاما ولا حراكا فعمد الشيخ و جعل يحول بيني وبينها فانزاحت عني و قصدت زميلنا وأنا أنظر فغطته ، فلما أصبحنا إذا بزميلنا قد فارق الحياة فقلت للشيخ لقد أغثتني و أجرتني بفضل الله و نجيتني بقدرة الله من موت محقق قال أو أبصرت ذلك قلت نعم قال اسكت ولا تبح بهذا الأمر لأحد .
• وسمعته أطال الله بقاءه و متعنا به زمانا، يقول أياما كنا في محظرة ولاته أصيب محمد الأمين بن سيد اب الكنتي بوعكة صحية فصعد ذات ليلة على سطح الغرفة و جعل يرتل القرآن و كان قارئا حسن الصوت فجعلت استمع لتلاوته و أنا خارج الغرفة فإذا بظلة كأنها مزن و فيها مصابيح مضيئة تتدلى عليه و إذا توقف عن القراءة ارتفعت فقلت الحق به فأسأله هل رأى شيئا فسألته فقال لم أر شيئا فأعتقدت أنها السكينة ،
• و سمعته يقول كنت مسافرا إلى أخوالنا أهل "محنض نالله" ( بطن من أولاد أبييري ) بضواحي بتلميت الآن هم أخوالنا لأن والدة الجد : سيدي محمد بن حمادي ( الملقب سيدن) منهم وهي تدعى محجوبة بنت ابن عمر.قال وكان معي رجل من أهل "محنض نالله" يدعى الديش ، و كان في الظاهر صاحب دعابة و هزل و إذا نام بجنبي وغط في نومه سمعت لسانه يرتل القران كأحسن ما أنت سامع وذلك فضل الله يؤته من يشاء ، فبتنا ذات ليلة بخلاء من الأرض و إلى جانبنا مقبرة فلما أصبحنا طلبنا رواحلنا فلم نعثر لها على أثر و كان الزمن زمن صيف و حر شديد و ماؤنا قليل فجلست أنا أحرس متاعنا و ذهب الديش و زميل لنا أخر في طلب الجمال فلم يجداها و كلما آتوني منعتهم الماء و طلبت منهم تكثيف البحث عن رواحنا فذات مرة غابوا عني فاستبطأتهم و كنت مستقبل القبلة على جهة أرى منها المقبرة ، فلاحظت أن شخصا يحاول الخروج من قبره فانشغلت في التفكير هل هذا ممكن ، ولم أصب بوحشة فانسل الرجل من القبر و عليه ثياب و أنا أنظر إليه فقصدني فلما وقف على سلم فرددت عليه السلام ، فقال أريد منكم صالح الدعاء فأجبته لست على مركوب ذلك . أي لست على استعداد لذلك قال و لم قلت ضلت رواحلنا و نفد ماؤنا و الحر كما ترى ولا علم لنا ببئر قريبة أو أناس فقال الآمر سهل ادع الله لنا و إذا أتاك صاحباك فقل لهم الرواحل وراء تلك الأكمة و على هذا الاتجاه و أشار بيده بئر يقطنها أناس غير بعيدين عنها و سترون أهل السقاية عند البئر فلما قفل قومي قلت لهم ابحثوا وراء تلك الأكمة فامتنعوا لشدة تعبهم فقلت خذوا بقية الماء و اشربوا و انظروا ما قلت لكم ففعلوا فوجدوها كما نعت ، و ذهبنا إلى الجهة التي أشار إليها فإذا بالبئر و عليها أناس يسقون و أ تينا الحي الذي ذكر فسألتهم عن تلك المقبرة فقالوا تلك مقبرة بها رجل منا صالح ( من أولاد أبييري ) فتعجبت لذلك.
• قال مقيده عفى الله عنه أتذكر ذات يوم و أنا بالغ و عندنا قطيع من الإبل فأصبح راعيها عاجزا عن رعيها و قد ذهبت ترعى لوحدها فلما ذهب بعض النهار ناداني الوالد الشيخ بن ،سيدن بن حمادي فلما أتيته قال هيا بنا لنرد الإبل فذهبت معه و جعلت أسير خلفه فلما ابتعدنا عن الحي إذ فقدته فجعلت أسير ابحث عنه في كل الاتجاهات علني أجد أثرا له فلم أر شيئا و كان المكان قاعا صفصفا لا ترى فيه عوجا ولا أمتا ، فلما يئست هممت بالرجوع إلى الحي فإذا به أمامى يقول هيا بنا ، فلم يلو يمينا ولا شمالا حتى دخلنا في غابة كثير شجرها و بها شجر العشر(تسمى بالمحلي تورجه ) و إذا بالقطيع في تلك الغابة يرعى العشب فتعجبت لذلك لكني لم أتجاسر على سؤاله مهابة له .
• و حدثني من أثق به و هو من تلاميذ الوالد يسمى محمد سالم ولد الكوري، قال أصابتنا سنة ندرت فيها المياه و نفد المرعى فذهبت أبحث عن قطيع بقر ضل منا و كانت فترة صيف فوجدت القطيع و بت عند الشيخ فلما اتضح النهار ذهبت أسوق القطيع و ذهب الشيخ يودعني فقلت هذا القطيع أضناه العطش ولا ماء دون مركز مال الإداري على مسافة 30 كلم ولا أرضى بمفارقتك حتى أجد ماء أو تظل معي فلم يجبني و جعل يحدثني حديثا أخر فلما خطونا خطوات دخل القطيع في ماء و جعل يشرب فقال لي الشيخ استودعتك الله و رجع فلما امتلأت بطون القطيع و خرج من الماء سرت به قليلا ثم قلت أرجع لأغتسل في الماء فلما رجعت إذا به قاعا صفصفا يابسا لا نبع فيه ولا أثر للماء.
• ومن ذلك ما قصت علينا الوالدة زوجه زينب بنت الشيباني ولد باب ولد سيدي المختار ولد البكاي ولد باب أحمد ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي . و أمها مريم الملقبة ( امروم ) بنت الشيخ محمد فال الاديلكية قالت كنا على فراش النوم فوقف علينا رجل و سلم فرد عليه الشيخ السلام و تحدث معه قليلا و ذهب فقلت من هذا الرجل قال وهل سمعت كلامه قلت نعم قال ذاك زميلي محمد الامين بن سيد اب الكنتي يخبرني بأمر إستشكلته وكان قد توفى قبل ذلك بكثير بولاية تكانت ، رحمه الله تعالى .
• وسمعتها وأنا أعقل القصة التي تحكي قالت أصبت بمرض عبارة عن بثرة في رأس الورك وكنت جسيمة وبدأ الآكل سريعا في وركي فحملوني الى مستشفى كيهيدي في سيارة القاضي سيد أحمد ولد أحمد الهادي التمدّكي رحمه الله وذلك سنة 1971 وفي المستشفى أطباء فرنسيون فحاولوا علاجي وإيقاف الأكل فعجزوا وعقدوا إجتماعا وأجمعوا على رفعي الى انواكشوط أو الى دكار وأنهى إلينا أحد الأطباء الموريتانيين ان الأمر مستعجل لأن ا لأكل قارب عظم الورك ، ولا يمكن الذهاب إلا في الطائرة ، فبكيت خوفا من ركوب الطائرة وقلت لا يفصلني عن الموت إلا أن تركبوني في الطائرة فإني أخاف من ركوبها خوفا شديدا فالتفت الشيخ الى أخي سيد امحمد بن الشيباني و إلى إبني الأكبر من غيره البكاي بن ،سيدن بن سيد أعمر رحمهما الله وقال دعوها هنا فإني سارقيها وقد دعوت الله لها بقصيدة توسلية منها :
فنج من الاسهال و الكُـــــــلًرا ودمل و الجُريْحَ ربّ إكف وباه.
و منها :
فجدلي بخير يا رحيما بخلقه فمــــالي يا رحمان دونك جــاه
فأنت الواسع الجود عدتــــي فهب لي اذا جـدا يـــدوم جـداه

وهي طويلة في ديوانه الذي ما زال مخطوطا .

قالت فما تم علينا أسبوع حتى توقف الأكل بدون علاج وبدأ الجرح يجف فاخذوا وساطة للطبيب الفرنسي ليكشف على الجرح فلما كشف عنه ورأى بوادر الشفاء ضرب رأسه كالمتعجب ، ثم صار يأتيننا بصحبة أولاده الصغار ويجلس معنا تحت الخيمة التي ضربنا بساحة المستشفى ، فكان ذلك بداية شفاء الوالدة ببركة دعاء الشيخ الوالد وطلبه لربه ثم رجعنا الى أهلنا .
• قال مقيده عفا الله عنه سمعته يحكي ذات يوم يقول ضل منى بعير فأنهى إلي أحد خبرا أنه رآه في الشمال عند حي من أحياء التنمية فبحثت عن من يرافقني لأني لا أهتدي في تلك الأرض فعزّ علي فتوكلت على الله وسرت لوحدي أحمل زادا و قربة ماء على راحلتي فلما غاب عني الحي إذا براكب يحث راحلته نحوي فسلم فرددت عليه السلام و بادرته بالسؤال أين وجهتك؟ فسمى لي الحي الذي أقصده فقلت أو تهتدي عليهم قال نعم قلت إذا أرافقك .وكان لا يحمل زادا ولا ماء ، وإذا أنخنا للمبيت أو القيلولة بادر إلى راحلتي وحل رحلي ثم يذهب إلى راحلته ويحط عنها و يذهب بالراحلتين ويقيدهما وإذا أردنا الرحيل جلبهما و شد على راحلتي أولا رحلي ثم يقصد راحلته ودمنا على ذلك وأقوم أنا بتحضير الزاد و أضعه بين يديه ولا أتذكر أني رأيته يأكل لكوني أظنه شخصا عاديا فلا أتفطن لأكله و كما أني لم أجده يشرب من قربتي ودام سفرنا على تلك الحال ، فلما أشرفنا ذات يوم على الحي الذي كنا نقصد لاقيت راعيا من الحي فسلمت عليه وسألته عن ضالتي فقال هي في الحي الذي أمامك تركتها في المراح قلت وهذا الرجل تعرفه فقال سم الله فليس معك رجل قلت كان معي رجل على جمل وكان يقصد الحي معي ، فقال أنا أبصرتك من بعيد تحث راحلتك وليس معك أحد فتعجبت لذلك .
• قلت وكان مولعا بحج بيت الله العتيق رغم عدم إستطاعته واتفق ان حجت تلميذته خديجة بنت سيدي الامين الكنتيه من أبناء أولاد (بوسيف) وهي صالحة فقالت وجدت الشيخ في "منى"مع رجال لا أعرفهم وكنت مَحْرَما له فسلم علي ووضع يده على منكبي وسأل عن حالي لكن لاحظت في وجهه كراهة طول المقام معه و ربما يرجع ذلك للرجال الغرباء الذين معه ولما رجعت من الحج سألت عنه ابنه الاكبر حمادي وقال لم يحجّ قالت:أنا لقيته في "منى" قال :لم يحجّ فذاع الخبر حتى وصل الشيخ ولم يستطع أحد أن يسأله عن الأمر فما لبثنا أن جاءت خديجة المذكورة الى الحي ونزلت عند خيمة في قرية الشيخ فقصت الخبر على الناس فلما كان المساء قدمت على الشيخ للسلام فانفرد بها جانب البيت وقضت معه ساعة ثم ذهبت فجاءها بعد ذلك من يسألها عن قصة حجه فقالت لا يرحم الله أحدا يسألني عن هذا الموضوع ولن أبوح به ما دمت حية .
خاتمة
لا جرم أن جدية شيخنا كانت بسبب استشعار قيمة وعظمة ما يدرس ويصنِّف، فهو على صلة دائمة مع النصوص الشرعية التي تحث على الصدق في القول والعمل، ومخاطبة الناس بالطيب من القول، وتنهى عن السفه وبذاءة اللسان، وتنفِّر من الكبر والرياء والنفاق، وتحذِّر من الافتتان بمباهج الحياة والانسياق وراء مغرياتها. ولا نستغرب ولا تنتابنا الدهشة من هذا الخُلُق إذا فهمنا البواعث النفسية التي كانت تسيطر عليه ، فهو كثير الهمِّ على مسلمي عصره، شديد التمسك بسُنَّة نبيه ، حريص على العلم الشرعي، فضلاً عن تأثره بخُلُق كثير من مشايخه ، الذين كانوا يتصدرون لتدريس العلوم الشرعية ، ويحرصون كل الحرص على التقيد بالآداب العامة، ويتشددون في التزامها والتحلي بها ، حتى لا يكون هناك تناقض بين سلوكهم وأقوالهم.
وجدير بالذكر أن أوقاته كانت معمورة بين توجه للعبادة أو التصنيف والمطالعة ، وهذا شأن العلماء، وسمة العارفين الفضلاء، ومنشأ هذه الميزة في شخصيته العلمية هي جديته في الحياة، ومضاء عزيمته.
.
انتهى يوم 03/12/2012
بقلم الاستاذ / سيدي محمد ولد الشيخ ولد سيدن ولد حمادي

الاثنين، 11 مارس 2013

قصائد للشاعر الكبير أدي ولد آدب




( قصائد من إنتاج الشاعر الكبير أدي ولد آدب)

غدًا..آوِي لِحِضْنِكِ.. يا رحـَـــابي فبي حَـنَّ التـُّـرابُ.. إلىَ التـُّـرابِ
وَفِي رُوحِي - لِرُوحِكِ- ألفُ توْقٍ لقدْ ضَجَّ الغيــــابُ.. منَ الغيــابِ
وَقدْضاقتْ-وَضِقتُ،بهَا-المَنافِـــي
فكمْ مَنْفىً-لمَنْفىً-قـــدْرَمَـي.. بيِ
وَ بِي ظمَأٌ.. إلَى سَلسَـالِ نبْعـِـــــي فليْسَ - بغيْرهِ – يَحْـلــــو شرابي
وَبِي جـُــــوع ٌ..إلَى غـَلاّتِ حَقلِي فطعْمُ سِـوَاهُ -عِنْدِي- طعْمُ صابِ

أنا الأسَدُ المُشَـرَّدُ عَنْ عَــــريني وكلُّ مُشـَــرَّد.. يَحـْتَـلُّ غـــــابي
هُنا أهْلِي ..هُنا وَطنِي .. وبَـيْتي مُثــُولٌ فِي دَمـِي.. رَغْمَ الخَرَابِ
تنكَّرَتْ الخـَـرائِط ُ.. غـَـــيْرَ أنيِّ ببَوْصَلةِ الهَوَى.. أسـْعَى لِـــبابي
فذاكَ البَيْتُ.. بَيْتي..صَــــــادَرُوهُ ومِفتــاحِي مَعِي ..ومَعِي كِتـابِي
سَيَنفتِــحُ الرّتـــاجُ.. إذا رَآنِـــــي فكمْ حَنَّ الحِمَى لِي فِي اغترابي!

سُــؤالٌ مَوْطِنِي.. وأنـَـا جَـــوَابٌ ويـَـا توَقَ السُّؤالِ إلىَ الجَــوَابِ!
لئِـنْ فاضَتْ بنـا كـلُّ المَنـــــافي سَيَنْهـارُ الجدارُ.. حِمَى الذئــابِِ
فتزْهو- بالعَنـاقِـيدِ- الـــــــدَّوَالي وبالزَّيْتــون تلتَـَحِفُ الــــرَّوابي
وتغْتسِلُ الجَـــداولُ.. مِنْ سـُمومٍ فتنْزَرعُ الحَقيــقةُ في السـَّـــرابِ
إلىَ مَ.."غـَدًا"..تسَوِّّفُنِي الأماني؟ أُريـــدُ الآنَ - قبْلَ غـدٍ- إيــابي



رحلة بين الحاء والباء

شاطئا بحر الحب: حــاء وبــــاء بين هذا وذاك ســــر.. فضــــــاءُ
بين ذين الحرفين فاضت حــــروفٌ ودموعٌ .. وأنفـــسٌ.. ودمــــــــاءُ
بين ذيـن الحـــرفين رحلة تــوقِ خائضوها العشــاق والأوليــــاءُ

كـلّـما لاحَ بـالتّجلِّـي جَـمــالٌ أقلعـــوا حيث مـا هنـاك انتهــــــــاءُ
كـمْ تـرامـتْ ما بين حرفيه فُــلكٌ فـإذا الشَّــاطِئانِ مـــاءٌ ومــــــــاءُ
ضاع منها جوديها فاستهــــامتْ وانتفى الأيْــنُ ..فـالأمــــامُ وراءُ
بين حرفيه يســجد العقل.. تعنـــو للـجنــونِ المقــدّسِ العُقـــــــــــــلاءُ
فـتـذوب الفـروق ما بين حرفيـــ ـه.. يؤاخي الأضداد حـاء وبـــــــاءُ
فـــإذا بالطُّــلول تــورق حـبا والقصور الزهراء شُعثٌ خـــــــــــــــاءُ
والغناء..البـكاءُ.. ذَوْبُ شــــعورٍ والشــــقاء الوبيل نعم الهنـــــــــاءُ
بين حرفيه دورة الكـون تجــــري فـله تُمطِــر البــلادَ السـمـــاءُ
وله الأرضُ تعشق الشمس ..حــتى يتنــــاغى مع الظلام الضيـــــاءُ
عـــــازفين الحياة لحناً .. فإمّــا ينضب الحب يستبد الفنــــــاءُ

كـل شـيء في الكون يعشق شيـئا فلمـــاذا لا يعشـــق الشعــراءُ
بين ذين الحرفـين رفرف قلـبي أطبـقا حـوله .. فحم القـضـــاءُ
آه يا رب ..إن حرفيك "حــــب" مثـل " كن "فــاعل بهـا ما تشــاءُ

ربنـا الكون للمحـبـة ظـــام عـــاث فيه تبـاغض.. وعـــداءُ
فاغمرنه ما بين "حــاء" و"بـــاء" ينتـف الحقد.. يستتـب الصـفــاءُ
ولتدعنا في الحب نحـيا و نفـنى فمقام الحب الجميــل اصطفـــاءُ

أمي..حروف النور

أمِّي..نشيدُ الكوْنِ..مِلْءَ المَـــــسْمَعِ هِبَةُ السَّمَا لِلأرْض..سَــعْدُ المَطْـلعِ
أمِّي ..حُرُوفُ..هُـنَّ نبْـعُ وُجـُــودِنا وَا شوْقَــَــــنا الأزَليَّ.. نَحْوَ المـَنْبَعِ
أمِّي..حُرُوفٌ..تكْتنزنَ حَيَــاتـَـــــنا جَلَّـتْ بـسِرِّ اللهِ - فِيـهَا- المُـــــودَعِ
أمِّي..حُرُوفٌ.. يــــانِعـَــاتٌ بالجنا حَـتىَّ ولــــوْ ثـمَـرُ الــدُّنــا لـمْ يـَيْنعِ
أمِّي..حُرُوفُ النُّور..توقدُ فِي دَمِي شُعَـلَ المَعَـانِي..وَالأمَـانِي الهُـــجَّعِ
أمِّي..حُرُوفٌ..هُنَّ زوْرَقُ رحْلـتِي عَبْرَ العَــــوَالِمِ..خـَـلْفَ سرِّ المُــبْدِعِ

أمِّـي..رَضَعْتُ أنَايَ..مِلْءَ حَلِيبهَـا فالفـَنُّ.. والإيمَانُ.. تـَـــوْأمُ مُـرْضِعِ
كانتْ تهَدْهِـدْنِي.. بـِـــذِكْرِاللهِ.. فِي أذْنٍ..وفِي الأخـْـــرَى بشِـعْرٍ مُـبْـدَعِ
"قل اعُـوذ ُ"..مَازَالتْ يُرَتلُهَادَمِي ومُعَلقـَاتُ الشعْر.. تسْـكُنُ مَسْــمَعِي
حَتىَّ الحِكَايَـاتُ الأثيـــرَةُ..لمْ تزَلْ - ليْلا – تُـؤَثثُ.. بالسَّعَادَةِ..مَخْـدَعِي
وَصَدَى وَصَايَاهَا النبيـلة..لمْ يَزلْ هَدْيـِي..وَمُلهمَ مَكْرُمَاتِي..مَصْـــنعِي
كانتْ تُطـالِعُ ذاتَ صَدْري صَامِتًا وَتحـسُّ بي.. مَهْـمَا تَنـَاءَى مَوْضِعِي
وأنـَا أُطـَــــالِعُ فِي ملامِح وَجْهِـِهَا كُتـُبًا ..مَـلاحِمَ..مِثـْــــــــــلُها لمْ يُبْدَعِ

أمِّي..أبي قدْ ضاقَ بالجَنَّاتِ..قـَـــبْــــــلَ وُجُـودِهَا..وبِهَا ازْدَهَـى فِي البَــلْقعِ
وأنا..بلا وَطـَن.. سِوَى أحْضَـانِهَا مَنْ ذا يُحـَـدّدُ فِي الخَــرَائطِ مَوْ قِــعِي؟
ما يُتْم ُأمّي ..غيْر يُتْـمِ الأرْضِ..إنـَّـــــهُمَا – مَعًا – أُمَّـايَ..مَـرْجعُ مَرْجـعِي
إنِّي اكْتَهَلتُ..وَمَا يَزالُ بدَاخِـــلِي طِفْلٌ..يـَـرَى أمِّـي- الَّتِي مـَاتتْ- مَعِي
تاللهِ ..أفتأ..بَـــاحثا عَـنْ حضْنِهَاالْــــــمَفـْـقودِ..مَـا بَيْنَ الحَشـَـــــــا والأذرُعِ

إنِّي أفتـّـشُ عـَنْ يَدَيْـنِ..أنـَامُ بَـــيْـــــــنَهُمَا..فـَلاَ تـَأتِي هـَـوَاجسُ مَضْــجَعِي
إنِّي أفتـّـشُ عَـنْ يَدَيْـنِ..رَحِيمَــتيْـــــــنِ..كجَنَّـتــيْنِ..تُوَقـِّـعَانِ بأضْـــــــلعِي
لحْنَ الهَنـَا..بالهَدْهَدَاتِ..الحـَــانِيَا تِ..تُطاردَان- عَلى المَحَاجر- أدْمُـعِي
وتُرَفـْـرفَانِ..غَمَـامَتيْنِ..عَلىَ جَبيـــــــنِي..تُطـْفِئانِ تـَرَمُّضِي..وَتَصَـــــدُّعِي
تَسْتنبتانِ- مَدَى غُضُونِ مَلامِحِي- ألَــقَ السَّـــــعَادَة..تسْـرِقــانِ توَجـُّـعِي

ذاتَ اليَـدَيْنِ..إلَى مَتىَ لا نـَــلتقِي وَإذا التقَــــيْنا..تُطفِئِـــينَ تـَـــــوَقـّـُـعِي
هيَّا اهْبطِي..هـَـاتِي يَدَيْـكِ..فإننِي قَلبي تحَـاصِرُهُ المَخـَالِبُ..فاسْــــرِعِي
مَنْ قدْ تَسُدُّ فـَــــرَاغَ أمِّي؟..إنـَّــهُ خَـللٌ..وُجُـودِيٌّ..تُرَى مَــنْ تـَـــــدَّعِي؟

هــــــــــذا أنــــــا

قِفْ .. ها هنا
قبْـل الدخول
لديك تأشرة إلى القراء؟
قِفْ
ما تحت إبطك؟
فوق قلبك ؟
إنني أتأبط الأوراقا
أوراق ماذا؟
إنها شعري ..
رؤاي..
مواقفي..
وعوالمي..
تتنفس الأشواقا
من أين جئت؟
وأين تمضي؟
إنني أدمنت
- مذ فتح الوجود علي عينيه –
الرحيل ..
أطارد المعنى ..
فمن حاءٍ ..
إلى باءٍ ..
ومن باء..
إلى حاء..
تـُطوح رحلتي ..
ما أوسع الآفاقا..!
أو راجلا تَطـْوِي المدى؟
أنظرْ.. عميقا
أي صعلوك أنا؟!
إني خلعت النعل
بالوادي المقدس..
واتخذت الحرف:
رحْلا..
زورقا..
وبراقا
ما مهنة الصعلوك؟
أكتب أحرفا..
مهما تَعَدَّدَ شكـْـلُهَا
حاءٌ وباءٌ أصْـلُـها
لامٌ مع الألفِ المَدِيدَةِ فَصْـلُها
لم تمتهنْ – للظالمين - نفاقا
قِفْ .. من تأبطَ شعرَه
متلبسا بالحرف: "لا"
فلقد تأبطَ شرَّهُ
أحياءُ يَعْرُبَ لم تزلْ رَصَداً
على كل الصعاليك الذين تأبطوا
مُـثـُلَ الحَيَاةِ..
فقِفْ هنا
لو كنْتَ حِرْبَاءَ العُهُودِ..
وزَامِراً..
يقتاتُ من رئَتَيْه رِيحَ حياته
ويحيلُ كلَّ مَواهِبٍ - رُزَقَتْ لَهُ –أبواقا
لو كنتَ تحمل تحت إبطك دولةً..
تتأبطُ الأموالَ ..
تنتعِلُ الرجالَ..
تدوس آلاماً و آمالاً..
أبَحْتُ لَكَ العُبُورَ
ولم أُطِقْ إغلاقا
افتح طريقي..
ثارت الأوراقُ..
تحمي من تأبطها عقودا..
ضجَّ شيطانُ القصائدِ..
فار حَرُّ الحَاءِ..
بَحْرُ الباءِ
طوفانَ الرُّؤَى
فإذا أنا
فـُلـْكِي على الجُودِيّ..
اقرأ
- مِلْءَ أسماع الدُّنى –
أنشودة..
عنوانها :
بُعداً.. لمن سرقوا الحياةَ..
وشوهوا فيها الجمالَ..
وحاربوا الإشراقا
هذا أنا ..
سأظلّ - رغم المرجفين –
أنا أنا
أبني الحروفَ صناعة ً..
أتأبطُ الأوراقَ..
أسلحةً البناء الشامل الخضراءَ..
أعتقد المحبة شرعة..
أحيى وأفـْنَى في الجمالِ ..
أقدُِسُ الإبداعَ..
أعْبدُ - وَحْدَهُ – الخَلاّقـَا
هذا أنا .

تضاريس مأساة

فاجـعٌ.. فـاجعٌ.. ورُزْءٌ.. مَهُـولُوأسًى.. مُطبقٌ..عَريضٌ.. طــويــــــــلُ
صَدْمَةٌ .. رَجَّت الوُجـودَ ..فلمْ يَبْقَ - لَـدَى مَنْ لـهمْ عُقــولٌ - عُقـــــولُ
كلُّ عيْنٍ تَزُوغُ فِي الأفْقِ..حَيْرَى..فتَرَى الـرُّوحُ- في الدُّموع-تَسيــــــلُ
كل ُّقَـلبٍ .. يَـمُور- بالفجْـع- مورافتَـرَى ذَبْــذَبَــاتِ حُزْنٍ .. تجـولُ
في وُجُـوهٍ .. تُـذِيـبُـهاحَسَــــراتٍ وانْصِهـــارٌ .. تـَوَتُّرٌ .. وذهـــــــــولُ
بالدُّعــاغَصَّت الحَـاجِـرُ ..حَتَّى ذابَ فيهاالـدُّعا .. ومــاتَ العَـويــــــــلُ
والثـَّوانِي الثـكْلَى.. تَمُـرُّ.. سِنينًا..آدَهَااليـــــــَأسُ .. والرجاالمُسْتحــيـلُ
فـوْقَ كُـلِّ الشِّفـاهِ.. ظـلَّ سُـؤال ٌخـــــائـِفٌ .. مِنْ جَوابـه .. لايَقـــيلُ:

أيْنَ أمِّـي.. أبِي..أخي..أيْنَ إبْنِي؟فُجِـعَ الكُـلُّ.. ســائـــــــلٌ .. ومَسُــولُ
لاتَسَلْ..فالرُّكاب ُماتوا.. جَميعًاعِـنْدَمَاحَانَ – في المَطـــــار–النُّـزولُ
شَبَّ فيهاالحَريقُ .. والكُل ُّيَرْنُـولامَطافِي .. إلاالدُّمـــوعُ .. السُّيولُ
هَـلَكُوا .. والأحْضانُ تهْفــوإليهمْ أيْنَ - لاأيْـن – للنجــاةِسبـــــــــــــيلُ؟
كمْ جَـمَالٍ .. وكمْ شبابٍ .. وأحْلامٍ.. ومَـجْدٍ.. أحْرَقْتَ.. يـاعزْرَئيـــلُ!
لـيسَ بيْن الحيـــاةوالـموتِ .. إلاحاجِز - عِنْـدَمايـُـزاحُ – ضئــــيـــــلُ
إنَّ حَدْسَ الإنْسانِ في ظُلْمَةِالغــيْب.. جَهُــولٌ.. ومُعْتِـمٌ.. وكَـلـــــــــيلُ

ليْتَ شِعْرِي من كان يحسب هذي رحْـلةالعُمْـر.. ماوراهــاقـفــــولُ؟!
رَحَلـوا.. يَسْتَحِثُّهـمْ ألْـفُ شَـوْقٍ فانْتَفَى الوَصْلُ..حيْثُ حانَ الوُصــولُ
حَلَّقـوا .. نحْوَأهْلهمْ .. ألْفَ مِيـلٍ وصَلوا .. فابْتَــدَاالمَدَى يَسْتَطـــــيـلُ
يالَها .. يالَهـا..تضـاريسَ مأساةٍبقلـبي .. مَحْفـــــورِة .. لاتُــــــــزولُ
أنامَهْمَانَسِيتُ ..عُمْرِي.. سَأبْقَى مِلْءَعَيْنِي.. تلكَ الوُجوهُ.. مُثـــــــولُ

شُهَـداءَالمَطـارِ .. مـالَذَّتَـــــمْرٌبَعْدَكُـمْ ..لا ..ولااسْتظل َّالنخـــــيلُ
شُهَـداءَالمَطـارِ .. ليْسَتْ تَكــانَتْ وحْـدَهــامَـنْ بُكــــاؤُهـاسَيَــطــــولُ
شُهَـداءَالمَطـارِ .. مَنْ ظَـلَّ حَــيًّايَـوْمَمِتّـمْ .. فـــــذاكَصَـبْرٌجَمـيــــــلُ
كلّ ُمَنْ مَاتَ ..جُرْحُـهُ في فُؤادي لـجِــراحـاتِ فَـقْـدِ ( نَجْدِ) مثـيـلُ
كلُّ مَنْ لمْ يُـبــالِ بالفجْـعِ هــــــذافهْـوَمَـصَّاصٌ .. للـدِّمـاءِ .. أكــولُ
كـيْف لمْ تُحْـــرِزُوادَقِيقـةَ صَمْتٍ؟إنَّ عـــامـًا .. مِنَ الـحِدَادِ .. قـليلُ!
كـيْف نَبْكِي .. أفْـلاذنا .. تَتـلـظَّـىوإذاعــاتُـنـا : غِـــنـاءٌ .. طُـــبولُ!

شـاهَرَأيُ المَسْئـولِ عَنْ فِعْلِ هـذاأوَحَقًّاهـــذاالمَسُــولُ مســــــولُ؟!
رحَمَاتِ الإلـهِ .. شُـدِّي قُـلـــوبـاأوْشَكَـتْ.. عَنْ مَنـاطها .. تستقـــيلُ
وامْطِـري ذلكَ الضَّريـحَ الجماعي إنَّ خَيْـرَالكِـرام .. فيـه حلـــــولُ
وافـتحِـي .. ياجَنًّاتِ عَدْنٍ مَطارًايَنْتَهِي فِيهِ.. بالضحايا.. الرحـــيلُ
هَيِّئِي كُـلَّ مُسْتَطـابٍ .. لرَكْـبٍ دُونك اليَـوْمَ .. لمْ يَـرُقْـهُ المـــــقيـلُ

ياإلهِي.. إنِّي تَفَجَّـرْتُ.. شِعْـرًافاعْفُ.. يارَبُّ.. لاأعِي ماأقــــــــولُ
اعْـفُ.. يارَبَّـنَا .. فمَهْمَـافُجْعْنَامالَـدَيْـناإلاالــرِّضــا.. والقَـبــــولُ
ولنـا..في الرَّسـول.. خيْرُعَـزاءٍحَسْبُنافي العَـزاءِ:ماتالرســــولُ
03/07/1994


نجوى
يا سَيِّـدي.. يا رَسُـــــولَ الله.. هَـــــــا أقِـــفُ
أمَــــامَ قَبْــــرِكَ.. قَـــلْبِــي –لَهْـفَةً- يَجِــــــفُ
أمُدُّ.. مِلْءَ ازْدِحَــــــــامِ الزائـريـــــــنَ.. يَــــدًا
وَدَّتْ.. لو الحُـــجْبُ -دُونَ القَــبْـرِ- تَنْــــكَشِفُ
أرْنُـــــــو- فأكْذِبُ طَرْفِـــي- دَهْـشَةً.. أأنَــــــا
-لَهْـــفِي- إلى حَضَـــــــرَاتِ القُدْسِ.. أزْدَلـِفُ
رِجْلايَ.. تَسْتَعْظِمَانِ السَّعْيَ.. حيْثُ مَشَـــــتْ
رِجْلاكَ.. لَيْـتِي – عَلَى رَأسِـــي- هُـنَا.. أقِفُ
أذْنَــايَ.. تَسْتَـشْرِفَــانِ الوَحْيَ.. مَا فَتِــــــــئَتْ
أصْـــدَاؤه.. تَمْلَأُ الأرْجَـــــــا.. فأرْتَجِـــــــفُ
وكُلَّمَا –عنْ حِمَـــاكَ- الخَطْـوَ أبْـــعَــــدَنِــــي
أحْسَسْتُ.. رُوحِــي.. إلى مَــثْوَاكَ.. تنْعَطِفُ
هُنَـــــــاكَ.. مَلْحَمَةُ الإسْــلامِ.. تَكْـتُـــــــــبُنِي
سِفْرًا.. فأسْتَرْجِعُ التَّـــارِيــخَ.. يَأتَــــلِـــــــفُ
فيَعْـزِفُ القَلْبُ.. نَـــبْــــضًا.. كُلَّ قَـــــــافِـيةٍ
بالحُبِّ.. بالمَـدْحِ.. بالتَّقْــدِيــــس.. تَنْعَــــزِفُ

الأحد، 10 مارس 2013

الشــــاعر الشيخ أبوشجة بن ببانه



نتيجة بحث الصور عن صور الشيخ أبو شجة
مــــع علم آخر غني عن التعريف إنه: (الشــــاعر الشيخ أبوشجة بن ببانه)بين الجبال المتشحات بالسواد، والأودية المترعة بعبق التاريخ ولد الشيخ ولد ببانا المعروف( بأبي شجة) عام 1965 في الرشيد بالشمال الشرقي الموريتاني.
نشأ في أسرة يبدأ الطفل تعليمه عندها بحفظ القرآن الكريم, ثم انتقل عام 1981 إلى المدينة انواكشوط طلباً للعلم فالتحق بالمدارس النظامية, وحصل على شهادة البكالوريا عام 1986 وشهادة المتريز عام 1990 .
أبوشجه مسكون بالشعر العربي القديم مسكون بلأصالة و الإبداع بدأ كتابة الشعر بالعامية, ثم انتقل إلى الفصحى. ترجم بعض شعره إلى اللغة السويدية ضمن (مختارات من الشعر العربي المعاصر) 1990 نشر عن شعره العديد من التعليقات في الصحف الوطنية والعربية شارك في عدة مهرجانات خارج موريتانيا وداخلها.
والحائز أخيراً على لقب شاعر الجماهير في مسابقة أمير الشعراء في دولة الإمارات يقول ابو شجة:



مواقفُ تُحيي المجد َوهْي طُــلول *** لعاشقها بين النجوم حُــلـــول
لبست بها العلياءَ حُلة مــــاجــــدٍ *** تَروق النُّهى أعلامُها وتَهُـــول
يَفوح أريج الروح من دمِ رُوحها *** وفاءً إذا خان الخلــــيلَ خلــيلُ
وقفتُ بها فاهتاج بِي من رسومها **** إليـــهـــا تلامــيعٌ لهن صَليل
تُثير على الأيام ترنيمةَ العُـــــــلا *** بدائــــــــعَ شِعْرٍ ما لهن أُفـول
أَنرنَ سماءَ القدسِ بعد عَــمائـــها *** وأجْهشَ منها بالحماس صَهيل
بـكـاءً إلى بغدادَ وهْي مــريـضـةٌ *** ودِجْلةَ إذْ ماءُ الفرات طَـــميـل
وإذْ نــحنُ أزْرى بالــــــمآثر أننا *** عويلٌ وما يُجدي الغداةَ عَويـل
فَلوْ أننا كُــــــــــنّا إلى اليوم نَبتني*** عليها لَمَا خانتْ هُناك أُصــول
ولو أننا كـــــــــنا غُثاءً ـ وجمعُنا *** جميعٌ ـ ولكــــــــنّ الغُثاءَ فُلول

وله ايضا :

أجيئ وبي من غاسق الصمت وحشة
وليس سوى نجـم السهـاد سميـر
أناجي دمشقا بيننـا مـن طـلاوةا
صبابـات عهـد بالدمـاء يـفـور
فيهتز من عرفانهـا طلـل الهـوى
بذاكرتـي والمستـهـام ذَكــور
هي الشام واهتزت الي الشام غُلتي
ومـن بـردى يهفـو إلـيّ نميـر
فهل ذاق قبلي بارد المـاء ظامـئ
وهـل غزِلـت إلا إلـيّ خـمـور
عشية أعلاني علـى كـل شاهـق
مدَى بصري مـن قاسيـون أميـر
فدار شراب لـم يُـدِرْ قـط نخبَـه
علـى مـرّ أيـام الزمـان مديـر
شراب له من عهـدة الشـام أنـه
تُوفّـىَ بـه للعارفـيـن نــذور
عرفت به من نشر روضـةَ نفحـة
لها من رسيـم الذكريـات نشـور
فوشحتُ من وهـم الربيـع بحبهـا
جُـدوب زمـان هـن فيـه سعيـر
ولاح غدير مـن سـراب وطالمـا
هفا بيّ من مكـر السـراب غديـر
وما تهتدي تلك السبيل التـي لهـا
محـطّ الهـوى الاّ بحيـث تجـور
فأرسلت شعـرا ذا أحابيـلَ لاتـرى
بها ظبيـة البيـداء كيـف تَمـور
شربت له من ساهر النجـم قهـوة
تثاءب منها فـي السمـاء فطـور
غيورا علـى أن لايـذوق مذاقهـا
مـن القـوم إلا ماجـد وغـيـور
فيالك مـن شـوق هنالـك طرّبـت
به من نجـوم الليـل فـيّ طيـور
وطارت على ليل الدهـور ولا أرى
لهـا مهبطـا إلا بحيـث تطـيـر
حوائـم عهـد لايـنـال غليلـهـا
فـرات وإن طابـت هنـاك نهـور
كأنّ شرابـي مـن ظمـايَ لجلـق
تفـوح بـذاك الليـل منـه زهـور
أيا جِلّق البدء التـى نحـن ننتهـي
إليهـا سـلام مـن سنـاك عبيـر
سلام وجرح الحب فينـا وبعضنـا
على نحت أيـام الزمـان صبـور
تذكر أصحابي الزمان الذي مضـى
وجاشت بمكنون الحننيـن صـدور
ولم يشعروا أن الزمان الذي مضـى
منيـرا لغـيـر الآفلـيـن ينـيـر
فرُحتُ وما استعبرتُ من عبرة إمرئ
ولا أنـا فيمـا يـرتـأون أشـيـر
كأن لم تَدُرْ يوما برأسـي عوائـق
من الغضـب الوهـاج حيـثُ أدور
ولاهاجني الأقصـى ينـوح جـدارُه
لينقضّ والحمـسُ الحمـاةُ قبـور
ويظمى الشـآم المستـراد ومـاؤه
غزيرولـكـنّ الـعـراق كسـيـر
ينوء مهيضاً بالمصيبـات لاتـرى
لـه سـنـدا إلاّ علـيـه يـهـور

وله ايضا فى مدح المصطفى عليه الصلاة والسلام :

أوقد على أفق الزمان قصيدة
تبقى تلوح بوهم ليل السامر
وبوجه ما يبقى من الأشواق في
عرصات أيام الزمان الغابر
في شجو أحمد سيد الأكوان ميــــ
مون النقيبة ذي الثناء السائر
ودع النجوم تفوح تشهد بالذي
يبقى على الآناء ليس بداثر
لمحمد ولنفح ريح محمد
صلى الإله على الجناب الطاهر
أوقد هنالك مااستطعت من الهوى
ليلوح في جد الأنام العاثر
شعر شربت به سلافة أقدس ال
أوقات في شرف المقام الظاهر
ترتاح لي فيها شمائل أحمد
أرجت رياض لمامها بالخاطر
عبقت بهن على الزمان مشاعري
ومحابري ومنابري ومنائري
صلى الإله على شمائل قدوة
للسالكين وكعبة للزائر
صبح صباحك بالنبي فإنما الد
نيا بوجه لا محالة باسر
واغنم على علل الزمان بديع ما
أسدى إليك سنا الصباح الزاهر
صبح تهلل بالنبي بشيره
لله أي كرامة وبشائر
واصدح فما أفق أصابك غيثه
يوما على ظمأ وجهد كاسر
بألذ نقعا للغليل من الفتى
هزجا بأخلاق النبي الجابر
تلك المآثر فانتثر في شجوها
فلقد يلذ بشجوهن تناثري
إن الوقار عن التواجد بالعلا
من حب أحمد عين حمق القاصر


وصلى الله على الهادى الأمين