بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 16 أبريل 2018

ديوان: بصمة روحى‘‘ للشاعر آدي ولد ’دب.


ديوان "بصمة روحي" خلاصة لكل المجموعات الشعرية، التي أنتجها هذا الشاعر الكبير، والذي ينظر إليه على أنه أحد أبرز الشعراء المعاصرين.




افتتح الديوان بقصيدة تحت عنوان: فاتحة الشعر الحار
***
إنْ يُشْرق اللهَبُ المقدَّسُ.. في دَمِي
 ويهز جذْعَ الروح وجْدٌ..  يَنْهمي
تسَّاقط الثمَراتُ:
والجَمَراتُ..
والكلِماتُ..
والنغَماتُ..
 مـالئـةً فَـمِـي:
 شِعْرا.. يُسَجِّلُ نَبْضَ قَلْبي نبْضُه
 ويرجُّ مِقْيَاسَ الحرارة.. في دَمِي
 أنا إنْ تَلَبَّسَني القَصِيدُ رأيْتَنـِــي
 أرْنُو إليْكَ... ولا أراكَ.. أنا عَمِ
 أهْذِي بصَحْو المَحْوِ.. تكْتُبُني الرُّؤى
 فإذا حــروفي.. غابَةٌ منْ أنْجُــمِ
شْعْري: تَعَاويذي..
غِنائي..
ثوْرتي..
 سْحْري..
 تهَاويمي..
غِذائي..
بَلْسَمي
***

واختتمه بقصيدة تحت عنوان: القصائد الهاربة
***
ذُوبِي..
عَلَى شَفَتِي..
لهاثاً ضائعاً..
مِلْءَ الخُطَى..
بتَعَرُّجاتِ دُرُوبِي!
ذُوبِي..
مَدَى هَذَيَانِ وَحْيٍّ.. شَارِدٍ..

يَهْوَى النُّزُولَ.. بِوَقْتِي المَنْهُوبِ!
لَهْفِي.. لَهُنَّ.. قَصائداً..
تَأتِي.. ولا تَأتِي..
ولَهْفَ الشَّاعِرِ المَجْذُوبِ!
تَخْتَارُ ذاكِرَةَ السَّمَا.. المَثْقُوبِ.. مَهْبطها..
وتأبَى قَبْضَةَ المَكْتُوبِ!
إنَّ اللواتي قد كتبْتُ.. ظِلالُهَا..
وهْيَ الجَمُوحُ.. بأفْقِهَا المَرْغُوبِ!
***
أوبي..
فطَعْمُكِ ما يَزالُ عَلَى فَمِي..
لَهَباً.. تَطايَرَ.. فِي دَمِي المَشْبُوبِ!
لا تَعْجَبُوا.. إمَّا تَرَوْنِي.. هَائِماً..
إنِّي أطارِدُ غيْبَهَا.. بِغُيُوبِ!



السبت، 14 أبريل 2018

المجاهد الشيخ عابدين


يقول العقيد گورو ( أحد قادة الحملة الفرنسية على المنطقة ) :
" ليس باستطاعة من لم ير البيظان يقاتلون أن يدرك مدى بسالتهم ؛ إنهم لا يملكون من السلاح إلا بنادقَهم العتيقةَ و رصاصَها ، و الخناجر .. تراهم يختفون خلف أبسط حاجز ، يطلقون الرصاص و يغيرون مواقعهم ؛ تماما كما يفعل الوحوش " 

و من أجل المساهمة في ترميم ذاكرتنا الجمعية " المثقوبة " أملا في الحصول على ذاكرة وطنية تعتز بتاريخها المقاوم و تمجد رموزه ؛ أقدم لكم هذه الصورة النموذجية من تاريخنا المقاوم :


عابدين الثائر (1848_1926م ) :
يعتبر الشيخ عابدين أيقونة المقاومة الجادة ، و أنموذجا للعالم المجاهد ، الذي يجسد وحدة جناحي المقاومة التي لا يمكن لها التحليق في آفاق النجاح بدونهما معا ؛ وهما : (المقاومة الثقافية ، و المقاومة المسلحة ) ..!
إنه الشيخ عابدين (زين العابدين ) بن سيد امحمد الكنتي بن الشيخ سيد محمد الخليفة بن الشيخ سيد المختار الكنتي الكبير . لقبه بعض المستشرقين بالمتمرد الثائر ، و عرف لدى عامة الناس باسم ؛ المجاهد الشيخ عابدين ... 
ولد في أزواد ، و توفي بالمغرب، و عاش في الفضاء الواسع بينهما يقارع كتائبَ الغزو الفرنسي و أعوانَه .
تلقى تعليمه بالكامل في إقليم أزواد يوم كان الإقليم ينبوعا للعلم و منارة للمتعلمين ، بل و للأعلام من كبار العلماء و الأولياء و الصالحين . فتخرج من مدرسة العائلة عالما ضليعا ، و شيخا مربيا ، و رجلا صالحا ذا كرامات ، و زعيماً كاريزميا لامعا ، و خبيرا ملهما في تدبير الشؤون الحربية ... 
تنبه منذو البدء لخطر الاحتلال الفرنسي القادم من وراء البحر ؛ و لما بدأ المحتل الفرنسي يسلك طريقه عبر الجزائر قرر الشيخ عابدين صده و مقاومته بكل الوسائل ، فرفع راية الجهاد ، و اجتمع تحت لوائه رجال و قبائل ما كانوا ليجتمعوا قبله على أمر جامع ، و ذلك ما حير الفرنسيين ، و جعلهم يتنبهوه لخطر هذا الشيخ على مشاريعهم التوسعية . و كان ينقل معاركه مع المحتل و أعوانه من منطقة لأخرى في عموم الصحراء رغم تركيز عملياته في عمق أزواد . فكان لا يُرى إلا متحرفا لقتال ، أو منقضا على مفرزة ، أو حامية للفرنسيين ، أو على من بايعهم ، أو خضع لسلطانهم و لو كان من أهله و عشيرته الأقربين . و ظل على ذلك النهج طوال حياته ؛ لم تثنه خسائره في بعض المعارك ، و لا انتكاساته أحيانا بفعل اختلال موازين القوى لغير صالحه بسبب تطور الآلة الحربية لخصمه ، و الانشقاقات المتكرر في جيشه ، و مبايعة بعض قادة معسكره من حين لآخر للعدو الغازي ، وخسارة بعضهم في المعارك المستمرة ؛ كل ذلك لم يثنه عن هدفه و قصده ، و لم يضعف من عزيمته أو يَفُلَّ من عَضُده ، أو يدفعه للخضوع و الاستسلام ؛ بل إن مجرد الحلم بخصوعه و استسلامه ظل مستبعدا لدى قادة الاحتلال أنفسهم ؛ وقد شهد شاهد منهم ، و هو قائد حامية تيمبكتو ؛ حيث قال : " الموت وحده هو الذي سينقذنا من الشيخ عابدين " . 
و بالفعل " ظل (الشيخ عابدين ) خلال أكثر من عشرين عاما يسبب المتاعب " للاحتلال الفرنسي ؛ يهاجم حامية هنا ، و يحتل مدينة هناك ، و ينقض على مفرزة لجيش الاحتلال هنا و دورية هناك ، ثم يعود وقد غنم من هذه المعارك الكثير من السلاح و الخيل و السبايا ..و ظل ذلك ديدنه طوال حياته إلى أن توفاه الله في الجنوب المغربي صامدا على نهج الجهاد ، حتى آخر نفس في حياته . 
رحمة الله تعالى على المجاهد الشيخ عابدين .
بقلم: عبد الله بن عابدين.

الأربعاء، 11 أبريل 2018

الشيخ سيد باب أحمد .. سفير الزاوية المختارية إلى " أرض الگبله " ...

  
 ولد القطب الجليل ، و العالم الرباني الشيخ سيد باب احمد بن الشيخ سيد المختار الكنتي عام 1762م ، في إقليم " أزواد " شمال جمهورية مالي ، و عاش و تربى في كنف أبويه ؛ الشيخ الكبير الشيخ سيد المختار الكنتي ، و الشيخة الجليلة لال عيشه بنت لَژْرَگْ التي كانت أول امرأة في التاريخ الإسلامي تحمل هذا اللقب (الشيخة ) .!

و قد تلقى تعليمه بالكامل في حضرة والده (الحضرة المختارية) التي كانت تعد يومئذ أكبر جامعة إسلامية على الإطلاق ، فكانت تضرب إليها أكباد الإبل من شتى أصقاع المعمورة ، فنهل من معين تلك المدرسة ما جعله أهلا لما وصفه به صاحب كتاب " منح الرب الغفور " ؛ حيث يقول فيه :
" كان رحمه الله من أولياء الله المشهورين ، و عباد الله الصالحين ، كان وليا ، عارفا ، تقيا ، عابدا ، فقيها ، شاعرا ، وكان كريما سخيا ، و كان ذا جد و اجتهاد و لزوم أذكار ، ساعيا في مصالح المسلمين ، وفي إصلاح ذات البين ، و كان نقيا ، متواضعا ، فاضلا ، مهذبا ، عاقلا ، أديبا ، لبيبا ، وقورا ، حسن السيرة ، حسن الهيئة ، معظما عند العامة و الخاصة ، محبوبا عند العلماء و الصلحاء ، حسن الخلق و الخُلق ، لا يطوي بِشْرَه عن أحد ، و في الحديث أن أول ما يوضع في الميزان حسن الخلق ، وكان يتصدق بجميع ما يملك ، وقد أتاه أخوه يوما فخرج له من خيمته و أهداها له بجميع ما فيها و ما عليها من الإبل و الغنم ، و بقي لا يملك شيئا ، و هذا هو السخاء الذي لم يُسمع بمثله ، فرحمة الله عليه ، آملين " .

كان الشيخ سيد باب أحمد يتميز بالصلابة ، و قوة الشخصية ، و الحنكة السياسية ، وهي صفات من بين أخرى أهَّلته لاختيار والده له ، ليكون خليفة له في حياته قبل مماته ؛ فأرسله سفيرا كاملَ السلطة و فوق العادة إلى " أرض الگبله " (موريتانيا) ليكون ممثلا له قريبا من الإمارات و القبائل التي ترتبط بعلاقات وطيدة مع الزاوية المختارية ؛ يستلم منهم الهدايا و المؤن المقدمة إلى الزاوية ، و يقدم إليهم باسمها الأوراد و التوجيهات عن قرب ، وهي فكرة رائدة ، و سنة حسنة سنها الشيخ الكبير ، و أسهمت أيما إسهام في نشر الطريقة القادرية المختارية ، وسلك نهجها من بعده أقطاب طرق صوفية أخرى ؛ فوزعوا أبناءهم في أصقاع الأرض لنشر طرقهم الصوفية .!
و بوصول الشيخ سيد باب احمد إلى الحوض بموريتانيا ؛ اتسعت دائرة الإشعاع العلمي و النفوذ السياسي للحضرة المختارية ، حيث أقام على الفور علاقات و اسعة و قوية مع الإمارات و القبائل ذات الشوكة في المنطقة ، كإمارة أولاد امبارك في الحوضين ، و إمارة إدوعيش في لعصابه و تگانت ، و كذا مع قبائل قوية أخرى كقبيلة أولاد الناصر وغيرها . وهي علاقات مكنته من لعب أدوار هامة في العديد من أحداث المنطقة الفاصلة ، كدوره المشهود في تأسيس مدينة " النعمه " في الحوض الشرقي ، و إسكان الشرفاء فيها ؛ بعد المحنة التي أصابت الولاتيين ، و تدخلت فيها الحضرة المختارية بواسطته هو (الشيخ سيد باب أحمد ) لتضع حدا لها ، كعادتها مع جميع أزمات المنطقة ...
و قد شكل قدوم الشيخ سيد باب أحمد إلى الحوض أول عودة تذكر لكنتة الشرقيين إلى موريتانيا بعد هجرتهم أيام حرب " تينيگي " ، كما شكل - بصورة أخص - النواة الأولى لوجود آل الشيخ سيد المختار في المنطقة ، على الرغم من قدوم أخيه الأصغر الشيخ سيد أحمد البكاي إليها قبله ، حيث توفي بها ، و دفن في منطقة " الفوز "قرب قرية " لگران " التابعة لمقاطعة " كيفه " عاصمة ولاية لعصابه ، إلا أن وجوده هذا كان عابرا ، و لم يكن بدافع الاستقرار ممثلا للزاوية المختارية .
عاش الشيخ سيد باب أحمد ثمانية و سبعين سنة (78) حافلة بالعطاء العلمي و السياسي ، تنقل خلالها ما بين " أزواد " و الحوض ، ثم استقر به المقام أخيرا في الحوض حتى وافاه الأجل المحتوم به عام 1840م ، و دفن في منطقة " مُفْتاحَهْ " إلى الشرق من مدينة " النعمه " الموريتانية ، على بعد 40 كلم ، و قبره هناك مشهور يُزار .
و الواضح أن الشيخ سيد باب أحمد - رغم علمه الجَمِّ - لم يكن لديه اهتمام بالتأليف ، حاله كحال العديد من إخوته الذين كانوا على قدر كبير من العلم و الأدب ، و على الرغم من عزوفه الواضح عن التأليف ؛ فقد ترك لنا بعضا من التراث المكتوب ، تمثل أساسا في مجموعة من الرسائل كان أغلبها نثريا ، و منها كذلك ماهو شعري ، كقصائده الطوال المعروفة بالسُّبَدِيات ، و المتبادلة بينه و الشيخ سيد محمد الخليفة ، و كقصيدته التي يرد بها على والده و يستعطفه فيها ، و يقول في مطلعها :
أمُنقِذُ من في مهاوِي التلفْ ++ و من قد يُبرُّ إذا ما حلفْ
و يا نورَ إنسانِ عينِ العُلا ++ بدون مراء و لا مُختلَفْ
حنانيكمُ فاغفروا زلَّتي ++ كما هو شأن هداة السلفْ
......
و لو لم يكن للشيخ سيد باب أحمد من فضلٍ يحسب له سوى تربيته و تخريجه لأبنائه الستة العلماء الأعلام لكفاه ذلك ، و هم على الترتيب :
1- سيد المختار (باب )
2- حمادي
3- البكاي
4-عابدين
5- سيد امحمد(أچ)
6- سيد حيبلله .

فرحمة الله تعالى عليه ، و على أبنائه الأعلام ، العلماء ، الصلحاء ، و على جميع المسلمين . آمين .
بقلم: عبدالله بن عابدين
وصلى الله على الهادى الأمين