بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 14 أبريل 2018

المجاهد الشيخ عابدين


يقول العقيد گورو ( أحد قادة الحملة الفرنسية على المنطقة ) :
" ليس باستطاعة من لم ير البيظان يقاتلون أن يدرك مدى بسالتهم ؛ إنهم لا يملكون من السلاح إلا بنادقَهم العتيقةَ و رصاصَها ، و الخناجر .. تراهم يختفون خلف أبسط حاجز ، يطلقون الرصاص و يغيرون مواقعهم ؛ تماما كما يفعل الوحوش " 

و من أجل المساهمة في ترميم ذاكرتنا الجمعية " المثقوبة " أملا في الحصول على ذاكرة وطنية تعتز بتاريخها المقاوم و تمجد رموزه ؛ أقدم لكم هذه الصورة النموذجية من تاريخنا المقاوم :


عابدين الثائر (1848_1926م ) :
يعتبر الشيخ عابدين أيقونة المقاومة الجادة ، و أنموذجا للعالم المجاهد ، الذي يجسد وحدة جناحي المقاومة التي لا يمكن لها التحليق في آفاق النجاح بدونهما معا ؛ وهما : (المقاومة الثقافية ، و المقاومة المسلحة ) ..!
إنه الشيخ عابدين (زين العابدين ) بن سيد امحمد الكنتي بن الشيخ سيد محمد الخليفة بن الشيخ سيد المختار الكنتي الكبير . لقبه بعض المستشرقين بالمتمرد الثائر ، و عرف لدى عامة الناس باسم ؛ المجاهد الشيخ عابدين ... 
ولد في أزواد ، و توفي بالمغرب، و عاش في الفضاء الواسع بينهما يقارع كتائبَ الغزو الفرنسي و أعوانَه .
تلقى تعليمه بالكامل في إقليم أزواد يوم كان الإقليم ينبوعا للعلم و منارة للمتعلمين ، بل و للأعلام من كبار العلماء و الأولياء و الصالحين . فتخرج من مدرسة العائلة عالما ضليعا ، و شيخا مربيا ، و رجلا صالحا ذا كرامات ، و زعيماً كاريزميا لامعا ، و خبيرا ملهما في تدبير الشؤون الحربية ... 
تنبه منذو البدء لخطر الاحتلال الفرنسي القادم من وراء البحر ؛ و لما بدأ المحتل الفرنسي يسلك طريقه عبر الجزائر قرر الشيخ عابدين صده و مقاومته بكل الوسائل ، فرفع راية الجهاد ، و اجتمع تحت لوائه رجال و قبائل ما كانوا ليجتمعوا قبله على أمر جامع ، و ذلك ما حير الفرنسيين ، و جعلهم يتنبهوه لخطر هذا الشيخ على مشاريعهم التوسعية . و كان ينقل معاركه مع المحتل و أعوانه من منطقة لأخرى في عموم الصحراء رغم تركيز عملياته في عمق أزواد . فكان لا يُرى إلا متحرفا لقتال ، أو منقضا على مفرزة ، أو حامية للفرنسيين ، أو على من بايعهم ، أو خضع لسلطانهم و لو كان من أهله و عشيرته الأقربين . و ظل على ذلك النهج طوال حياته ؛ لم تثنه خسائره في بعض المعارك ، و لا انتكاساته أحيانا بفعل اختلال موازين القوى لغير صالحه بسبب تطور الآلة الحربية لخصمه ، و الانشقاقات المتكرر في جيشه ، و مبايعة بعض قادة معسكره من حين لآخر للعدو الغازي ، وخسارة بعضهم في المعارك المستمرة ؛ كل ذلك لم يثنه عن هدفه و قصده ، و لم يضعف من عزيمته أو يَفُلَّ من عَضُده ، أو يدفعه للخضوع و الاستسلام ؛ بل إن مجرد الحلم بخصوعه و استسلامه ظل مستبعدا لدى قادة الاحتلال أنفسهم ؛ وقد شهد شاهد منهم ، و هو قائد حامية تيمبكتو ؛ حيث قال : " الموت وحده هو الذي سينقذنا من الشيخ عابدين " . 
و بالفعل " ظل (الشيخ عابدين ) خلال أكثر من عشرين عاما يسبب المتاعب " للاحتلال الفرنسي ؛ يهاجم حامية هنا ، و يحتل مدينة هناك ، و ينقض على مفرزة لجيش الاحتلال هنا و دورية هناك ، ثم يعود وقد غنم من هذه المعارك الكثير من السلاح و الخيل و السبايا ..و ظل ذلك ديدنه طوال حياته إلى أن توفاه الله في الجنوب المغربي صامدا على نهج الجهاد ، حتى آخر نفس في حياته . 
رحمة الله تعالى على المجاهد الشيخ عابدين .
بقلم: عبد الله بن عابدين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تضمين الرسالة أدناه

وصلى الله على الهادى الأمين