بحث هذه المدونة الإلكترونية
الأحد، 8 نوفمبر 2015
من روائع قوافي الصحراء الكبرى( 10)
الأحد, 20 يوليو 2014 00:00
الشيخ سيدي المختار الكبير*
يا أيها المُتحلِّي غيـرَ شِيمتِه أَقْصِرْ فَلَيس وجـودُ العَينِ كالأَثَرِ
هَذِي مَيادينُ كَعَّ دون غَلْوتِها حمارُك الأعورُ المهزولُ ذو الدَّبَر
تَزَبَّبَ الحِصْرِمُ المُلْقى بِغـابتِه وليس يُشبِه طَعمَ التمـر والسُّكَر
وإن تَنَسّـرَ عُصفـورٌ يُكذِّبُه بين البَريَّــةِ نَقصُ القَدْرِ والقَدَر
ما كان لله دام الدهـرَ متصلا وما لغيرِ الإلـــهِ مُجّ بالضَّجَر
لا ينقص الشمسَ قَدْرًا وهي ضاحيةٌ
نُباحُ كلبٍ على العِـلّاتِ مُحتَقَر
قد يَنبحُ الأُسْدَ وهْـو لا يماثلهــا
ويُنكِرُ العُمْيُ ضَوءَ الشمسِ مِن ضَرَر
ويُنكِــر الجُعَلُ المِسكَ الثمينَ فلا يحظى بنفحتِه كالجنّ والبشر
كلٌّ على قَدْرِه حُكمٌ يُصــرِّفُه ربُّ البريةِ ليس المِسكُ كالبَعَر
القصيدة يردّ بها الشيخ الكبير على بعض من تطاول بالطعن في قبيلته. وقد نقلنا القصيدة عن ديوان الشيخ الكبير الجزء الأول منه تقديم الشيخ الأستاذ باب أحمد بن حم الامين المقيم بمكة المكرمة، والديوان المذكور مخطوط من منشورات زاوية الشيخ سيدي المختار الكبير بانواكشوط.
* المتحلّي: المتزيّن بالحلي وهو هنا المُتّصِف والمنتحل. أَقصِر: انتَهِ. العَين: يقصد عَين الشيء أي ذاته. الأثر: ما يُستدلّ به على العين.
*كعّ: تعب دونها وقصّر عنها. غلوتها: الغلوة المَرماة والهدف. ذوالدَّبَر: ذو القروح.
*تزبّب: صار زبيبا وهو العنب بعد جفافه. الحصرم: الثمر قبل النضج.
*تنسّر: صار نسرا وفي المثل إنّ البغاث بأرضنا يستنسر أي أن ضعيف الطير يتنسّر.
*مُجّ: رُمِي. بالضجر:الضجر الملل. *ضاحية: ظاهرة، مرتفعة. على العلّات: على كل حال. *الجُعَل: دويبّة تألف النجاسة وتقتات عليها.
فحظُّ كُلِّ لئيمٍ شتمُ سيّدِه فَقِسْ فليس الدِّراري الشُّهْبُ كالحَجَر
فلا يَجود بخيلٌ في تصرّفِـــه ولا يَسود حسودٌ آخرَ العُمُر
ينازِعُ اللهَ في فضلٍ يُصــرِّفُه بين الكـرامِ فيُجزى منه بالغِيَر
فإنما الدِّيـن نُصحُ اللهِ يَتبعُه نُصحُ البريةِ جاء غَيرَ ذي عَوَر
لا يَحسد الناسَ إلا كُلُّ ذي بُجُــرٍ
منافقٍ فاسقٍ قد جاء في الخَبَر
والنُّصحُ مِن شِيَمِ الأخيارِ فاصْغِ لِما أُبْدِيهِ مُنتخَبًا مِن نُخبةِ الزُّبُر
*الدِّراري: المضيئة قال تعالى { كأنها كوكب دُرّيّ}. الشهب: الكواكب.
*فلا يجود: أي لن يدعى جوادا. ولا يسود: أي لا يصير سيّدا. حسود: الحسد أوّل معصية عصي بها الله على وجه الأرض حين حسد قابيل أخاه هابيل فقتله فكان أول قتيل والحسد هو تمني زوال نعمة شخص آخر وهو منهي عنه شرعا ومذموم قال تعالى { لا تتمنوا ما فضّل الله به بعضكم على بعض} وفي الحديث (لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانا) وقال الشاعر:
اصبر على حسد الحســــود فإنّ صبرك قاتله
فالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله
أما تمني نعمة شخص آخر دون زوالها عنه فهو الغبطة ولا شيء فيه.
والحسد يدخل في عموم التمني الذي هو كالعجز واتباع هوى النفس قال النبي صلى الله عليه وسلم( الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني) وروي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال( ما تغنيت ولا تمنيت ولا مسستُ ذكري بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم).
*الغِيَر: غِير الدهر أحداثه المتغيرة. *الدين نصح الله يتبعه نصح البرية: اقتباس من الحديث الشريف( الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم). *بجر: البُجْر الشر. *الزبر: ج زبور وهو الكتاب وزبور نبي الله داود عليه السلام الكتاب المنزل عليه والمِزْبر القلم.
لا يُجتنى التمرُ إلا مِن شَمارخِه أو يَقذِف الشّهدَ إلا النّحلُ بالوَكَر
طِيبُ الفروع يُنالُ مِن مَعادِنِها وخُبثُها تَقتنيه مِـن طَخى المَدَر
وقد نَمتْنا الكرامُ مِــن أَرومَتِهـا مِن جِذ ْمِ عبدِ منافٍ مِــن ذرى الغُرَر
*شمارخه: ج شِمراخ وهو العِثكال عليه بُسر أي تمر أو عنب. الشهد: العسل. الوكر: في الأصل عش الطائر.
*معادنها: أصولها. طخى: الطخى الكرب على القلب والظلام الشديد. المدر: قطع الطين اليابس. ومثل هذا البيت قول زهير بن أبي سُلمى:
وهل يُنبت الخَطّيَّ إلا وشيجُه وتُغرس إلا في منابتها النخلُ
*أرومتها: الأرومة الأصل. جذم: الجِذم: الأصل. عبد مناف: بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر وعبد مناف هو أبو هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم وقد دأب البعض على الظن بل الجزم بأن عقبة بن نافع الفهري فاتح إفريقية هو من بني أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي إذ خلطوا بين أمية المذكور وبين أمية بن الظرب بن الحارث بن فهر جد عقبة بن نافع بن عبد القيس بن لقيط بن عامر بن أمية بن الظرب وزاد البعض اعتقادا لذلك بيت الشيخ هذا وإنما قصد رحمه الله إلى أنه من جذم عبد مناف أي أنه من الأصل الذي منه عبد مناف أما احتجاج البعض أيضا ببيت الشيخ سيدي البكاي بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار الكبير، وهو لعمري حجة: غيداء كنتاوية أموية قرشية ومن الطراز الأوّل
فيجاب عليه بأنه يقصد أموية من أمية بن الظرب بن الحارث بن فهر. ويؤكّد ما ذهبنا إليه الشيخ باي بن الشيخ سيدي اعمر الكنتي في نوازله مجيبا على سؤال العلامة سيدي اعمر بن سيدي علي المختاري الكنتي: "اتفقت كلمة الصحراء قاطبة على أن كناتة من نسل عقبة مفتتح إفريقية وباني القيروان" ثم ساقَ نص ابن حزم في جمهرة النسب حول فهريّة عقبة مؤكّدا قبل ذلك أن ما وقف عليه من كتب الأنساب والتاريخ اتفقوا على أن عقبة فهري. وعلى ذلك مضى تلميذه العلامة الشيخ سيدي حم بن بادي رحمه الله في نظمه لأنساب كنته حيث يقول:
كنته انتمت بالإتفاق الشائعِ للمستجاب عقبةَ بنِ نافع
ابنِ عبدِ قيسِ بنِ لقيطِ عامرِ أُمَيْ ظَرِبٍ حارثِ بنِ فهرِ
وهذا الذي ذكرنا مما اختلط أيضا على صاحب الوسيط عفا الله عنه إذ نَسَبَ كنته إلى بني أمية وردّ ذلك إلى النسّابين في الصحراء؟ حتى لقد اجتهد في التوفيق بين القولين بجعله الشيخ سيدي المختار الكبير من قبيلة كنته بالولاء لا بالنسب. راجع الفصل الثاني من الباب الأول من ديوان الصحراء الكبرى. ذرى: الذرى بضم الذال الأعالي. الغُرر: البيض.
الخِيمُ يَمنعُهم مِن كُلِّ ناقصةٍ والمَجــدُ يحرزُهم مِن كلّ ذي حَذَر
همُ الأئمةُ قِدْمًا غير ذي كَذِبٍ المنقذون الوَرى مِـن رِبقةِ الكَدَر
القائمون بأمــر الله لا شَطَطٌ يُلْفى لَدَيهِم ولا طَيشٌ على خَطَر
الحِلمُ شيمتُهم والعدلُ سيرتُهم والرِّفقُ حِــرفتُهم فَجِدَّ واخْتَبِر
أَعِفّةٌ يَعلمُ الرحمــنُ عِفّتَهم والجار يَحمونَه بالبِيضِ والسُّمُر
منهم وليٌّ ومنهم مُقسِطٌ بَدَلٌ والغوثُ منهم ومنهم قائمُ السَّحَر
*ناقصة: وفي رواية باقعة وفي أخرى بائقة وهي الداهية و المصيبة. *المنقذون الورى: بنشر الإسلام وأمانتهم عليه. *البيض: السيوف. السمر: الرماح.
*منهم ولي ومنهم مقسط بدل: أخرج الطبراني في الكبير عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الأبدال في أمتي ثلاثون بهم تقوم الأرض وبهم ينصرون) وأخرج أحمد في الزهد بسند صحيح عن ابن عباس (ما خَلَت الأرض من بعد نوح من سبعة يدفع الله بهم عن أهل الأرض) وعن ابن عمر مرفوعا (لا يزال أربعون رجلا يحفظ الله بهم الأرض كلما مات رجل أبدل الله مكانه آخر) وعنه مرفوعا( خيار أمتي في كل قرن خمسمائة والأبدال أربعون فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون كلما مات رجل أبدل الله مكانه آخر قالوا يا رسول الله دلّنا على أعمالهم قال يعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويواسون فيما آتاهم الله وهم في الأرض كلها) وفي تاريخ بغداد للخطيب البغدادي عن الكتاني قال( النقباء ثلاثمائة والنجباء سبعون والبدلاء أربعون والأخيار سبعة والعمد أربعة والغوث واحد...)أخرجه ابن الخطيب في المواهب اللدنية. راجع كتاب الطرائف والتلائد للشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار الكبير
وفيهمُ قد يُـرى المُجدِّدون ومَن تَحْيى بحُرمتِه المَوماةُ بالخَضِر
والسالكون ومَـن يَحْيى بنَفحتِه قلبُ المُريدِ ويحظى منه بالوَطَر
ومنهمُ السابقـون في تصرّفِهم فالكَون يَطوونه كاللَّمح بالبصر
والسائحون على رُغمٍ لِشانِئِهم السائرون مَسير الشمس والقمر
الغائثُو المستجيرِ في تَبلُّدِه كأنهم عنده إذْ مُسَّ بالضَّــــرَر
والدافعون عن الأكوان هِمَّتهم لِقُربِهم مِـن عظيم المُلكِ مُقتدِر
همُ المُدِلُّونَ إمّا مَعشرٌ فَخَروا عندَ الفَخارِ بِأَصلٍ طَيّبٍ عَطِـر
فعُقبةُ المستجابُ الغَرْب فاتحُها كَفْرًا فكَفْرًا بإذنِ سيّدِ البَشَــر
ومات بعدُ شهيدًا بالصَّلاة وقد ساسَ البريةَ من بدو ومن حضر
*الموماة: الصحراء القاحلة. *لشانئهم: الشانئ المبغض قال تعالى{ إن شانئك هو الأبتر}. *تبلده: التبلّد ضد التجلد الذي هو الصبر.
*الدافعون: أي المدافعون قال تعالى{ ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}. *المدلّون: المفتخرون.
*المستجاب: سمّي بذلك لاستجابة دعائه؛ وفي الفتوح لابن عبد الحكم وفي المُغرب في بلاد إفريقية والمغرب للبكري نبذ من دعواته المستجابة وكراماته.
كَفرا فكَفرا: الكَفْر الأرض البعيدة والمستوية.
*ومات بعدُ شهيدا بالصلاة: في الرسالة الغلّاوية للشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي المختار الكبير أن "كسيلة الأوربي رئيس أوربة وكان أسيرا لدى عقبة أراهم من نفسه الإسلام وطلب مبايعة عقبة رضي الله عنه بالإسلام والطاعة وهو متهيّئ لخطبة الجمعة فأطلقوا كسيلة ولا يرون إلا أنه صادق وليس معه حديدة فدبّ إلى عقبة وهو على المنبر وكانت بينه وبين ما يلبس مدية فانخرط منها وطعنه بالمنحر فخرّ لوجهه على المنبر ميتا" وكانت وفاته رضي الله عنه سنة 63 هـ 682 م.
وقام عمرو العُلا مِن بَعده وبه تَقطَّبَ العَشرةُ الأَبـدالُ في الزُّبُر
مِـن جِلَّةِ التابعين في أَرومتها حاز العُلومَ وفَتحًا بَيِّـنَ الأَثَر
وعامـرٌ بعده حاز العلومَ بها بَدْءًا وعَودًا وحاز السَّبقَ بالكِبَر
وبعده شاكِـرٌ يَهْسٌ ودَومَنُها حازوا التقطُّبَ لا نُكْـرٌ لِذي نُكُر
*عمرو العلا: هو ابن عقبة بن نافع الفهري. ورد اسمه في تاريخ دمشق لابن عساكر من بين أبناء عقبة الذكور الأربعة: عياض، وأبوعبيدة واسمه مُرّة، وعبد الرحمن، وعمر. راجع الفصل الثاني من الباب الأول من ديوان الصحراء الكبرى.
تقطّب: صار قطبا وحاز على مقام القطب والأقطاب سبعة كما أن الغوث واحد والأوتاد أربعة والأبدال أربعون. انظر هامش البيت المتقدم من هذه القصيدة: منهم ولي ومنهم مقسط بدل...
*جِلّة: عظماء. التابعين في أرومتها: التابعون هم من خير القرون من الجيل الذي يلي الصحابة قال النبي صلى الله عليه وسلم( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم). وأبوعبيدة من أبناء عقبة معدود في رواة الحديث عند الإمام مسلم، وهو وإخوته، بما فيهم عمرو، في طبقات التابعين.
*عامر، شاكر: راجع البيئة الزمنية في الفصل الثاني من الباب الأول من ديوان الصحراء الكبرى.
ويَحْيَ قد حَيِيَتْ به القلوبُ وقد سَقى بنفحتِه السبعين مِـن نَهَر
ورَدَّ كُلًّا إلى قَــومٍ يُسدِّدُهـم والكُلُّ مات لَدَيــهِ آخِرَ العُمُر
وقد عَلا بَعدَه إلى سَمـاءِ العُلا عَلِيُّ مَجدٍ بِسَقْيِ الأَلْفِ مُفتخِر
*يحي: هو صاحب كرامة السبعين المدفونين إزاءه بعزّي من قرى توات. راجع الفصل الثاني من الباب الأول، المرحلة الثانية من مراحل التاريخ الكنتي من كتابنا ديوان الصحراء الكبرى.
*عليّ: هو سيدي علي بن سيدي يحيى، دفين عزّي في توات، أيضا، إلى جانب أبيه سيدي يحيى الإبن وجدّيه سيدي يحيى الأب وسيدي عثمان الذي كان ثاني الأجداد الكنتيين وصولا إلى توات بعد عقبة بن نافع الفهري الذي مرّ بتوات، سنة 62هـ، قافلا من السوس الأقصى، حسب حوليات توات. وكان سيدي عثمان أول الأجداد الكنتيين استقرارا بهذه المنطقة. وهي فترة امتدّت من عهده إلى عهد ابنه ثم حفيده سيدي يحيى وانتهاء بسيدي علي الذي دشّن مرحلة السياحة في الأرض من أجل الدعوة إلى الله، وكانت تربطه علاقة قوية بالسلطان الحفصي، آنذاك، في تونس، أبي فارس عزّوز الذي زار توات سنة 833هـ/1434م. وفي الطرائف والتلائد أن سيدي علي بن سيدي يحيى كان: "في دولة السلطان أبي فارس وكان مقلدا له لا يعمل إلا على وفق إشارته".
راجع الرسالة الغلاوية للشيخ سيدي محمد الخليفة بن الشيخ سيدي المختار الكبير. وحوليات توات بعناية برنارد سافروا مركز الوثائق الصحراوية، غرداية، الجزائر. والواحات الصحراوية للضابط الترجمان آ. جى. ب. مارتان.
أنظر كذلك الباب الأول الفصل الثاني، البيئة الزمنية، مراحل التاريخ الكنتي، المرحلة الثانية من كتابنا ديوان الصحراء الكبرى.
نَزِيلُ فَصكٍ له قَدْرٌ ومَنقَبَـةٌ شديدُ رُكـنٍ عظيم القَدرِ مُعتكِر
وهْـو الذي دَوَّختْ لَمتُونَ دَعْوتُه حتى عَلَتْهم بنو حسّانَ بالخَفَر
ونَجلُه قد بَكى التسعينَ تَتْبَعُها عَشرٌ مَخافةَ ربِّ الكَونِ مُزْدَجر
بأمره نَقلَ الأخيارُ جُثّتَـــه مِـن بَعدِ قَرنٍ فَلَم ترِمْ ولم تَحِر
وكانت الأُسْدُ بالمَوماةِ تَقْصِدُه تَبَـرُّكًا فَيُــزِيلُ الضُّرَّ بالنَّظَر
تُطوَى له الأرضُ والأخيارُ تَخدمُه لِجَبرِ خُلَّتِها كالضَّيغَمِ الخَدِر
*نزيل فصك: هو الشيخ سيدي مَحمد الكنتي الكبير. وفصك هو الموضع الذي دفن عنده وهو جبل بين أرضي تيجريت و تازيازت شمالي غربي موريتانيا.
*دوّخت: قهرتْ. الخفر: أن تأخذ من شخص أو قبيل أو قافلة أو نحوهم مالا لتجيرهم.
*ونجله: الشيخ سيدي أحمد البكاي بن الشيخ سيدي مَحمد الكنتي الكبير. مزدجر: مرهوب.
*الأخيار: هم ذرية سيدي عبد الرحمن المحجوبي قال الشيخ سيدي المختار الكبير في الإرشاد: " لما انتقل السودان من بلاد ولاته إلى غانة صار موضع البلدة مسيلا للمياه فلبث المطر عن ولاته أعواما وذلك الوادي لم يسل حتى همّوا بالجلاء فأتى سيد أحمد البكاي في النوم بعضَ الأولياء من ذرية عبد الرحمن المحجوبي فقال له إن أردتم أن يسيل واديكم فانقلوني من مجرى السيل فإنه لا ينبغي للسيل أن يمر على قبري ثم أتى ثانيا في النوم فقال له مثل ذلك ثم أتى ثالثا فقال له مثل ذلك فأخبر الناس بما رأى ثم قال الآخر وإني رأيت مثل ما رأيت وقال الثالث وإني رأيت مثل ما رأيتما فاجتمعوا كلهم وكان في ولاته يومئذ سبعون عالما متفننا فاجتمع رأيهم على أن الأولياء لا تأكلهم التراب فذهبوا إليه فنبشوه فإذا هو كالنائم لم يتغير شيء من أكفانه فضلا عن جسده فأدخل رجل منهم يده بين وجهه وكفيه فإذا عيناه تهملان بالدموع كما كانتا في دار الدنيا فنقلوه إلى الموضع الذي هو فيه الآن". ترم: تبلى. تحر: تنقص وكان النبي صلى الله عليه وسلم (يتعوذ من الحور بعد الكور) أي من النقصان بعد التمام.
*خلّتها: الخُلّة الحاجة. الضيغم الخدر: الأسد الخادر أي المتستّر عن الأنظار في أجمته أي غابته.
ونَجْلُه عُمَرُ المشهورُ عَمَّرَه فصـار بَحْرًا خِضَمًّا طافِحَ الدُّرَر
فامتَدَّ مِنه ومِن صِنْوَيهِ جوهرةٌ زيتونةٌ سَطَعتْ بالنُّور والحَوَر
ليست بشرقية ولا بغربيـة لكنَّها سِدرَةُ المبعوثِ مِـن مُضَر
عَينُ الخليلِ بَدَتْ تَسقي جَداولَها مِن نَبعةِ النُّور لا مِن نَبعةِ المَطَر
إذ هُم بَنُوه وطِيبُ الأَصلِ يَشمَلُهم إذا أتوه غدًا في طَلْعَـةِ الغَفَر
*ونجله عمر المشهور: هو سيدي عمر الشيخ بن الشيخ سيدي أحمد البكاي. عمّره: يقصد إلى أن الشيخ سيدي أحمد البكاي استجاب طلب أم بنيه الثلاثة في عدم الدعاء عليه بخمول الذكر لما رأته يحدّ النظر إليهم ويعقب بسيدي عمر الشيخ وكان أصغر الثلاثة فكأنما عمّره بذلك.
*صنويه: الصنو الأخ الشقيق ويقصد بصنويه سيدي محمد الكنتي الصغير وسيدي الحاج أبوبكر. النور: أي خالص البياض. الحور: السواد في البياض ولعله يرمي إلى التفريق بين الزيتونة التي في القرآن إذ نورها خالص البياض وشجرة أنساب قومه إذ صاروا كالحور في العين وهي صفة ممدوحة إذا اشتد سواد سوادها وبياض بياضها.
*بنوه: فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم( أنا جد كل تقي ولو كان حبشيا وبريء من كل شقي ولو كان قرشيا). وطيب الأصل يشملهم: من حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم هو ابن غالب بن فهر وهم أبناء الحارث بن فهر. غدا: أي يوم القيامة. في طلعة الغفر: أي في مقدمة الخلق.
قُلْ لِلْمُحاوِلِ شَأْوَ القَومِ مَهْلَك لا تُتعِبْ قَلُوصَكَ ليس الرأيُ كالخَبَر
فلا تُعانِدْ وَرِدْ فالقومُ قـد شَرِبوا عَذبًا زُلالًا هَنِيءَ الذَّوقِ مُنهَمر
مِن دُونه خَرطُ القَتادِ ومَعمَعةٌ يَشِيبُ مِن هَوْلِها الأَبطالُ بالذُّعُر
والزُّرْقُ والبِيضُ والأنيابُ كاشرةٌ والرَّشْقُ والطَّعْنُ بين النَّحْرِ والسَّحَر
لكِنًّها قُرّةُ العينين إن حَصلتْ فجِدّ تَجِدْ كُلَّ ما تـرجوه وانْشَمِر
ولُذْ بِجاههمُ إن كُنتَ ذا وَطَرٍ واشْدُدْ يَدَيْكَ بِهم إن كُنتَ ذا نَظَر
وإن طُرِدتَ فَعُدْ فالقومُ قد جُبِلُوا على السخاء فَـرَجِّ الخيرَ وانتظِر
مِنهم نَوالًا فلا بُخلٌ يُخافُ ولا في القوم جافٍ فقُمْ بالباب واصْطَبِر
فنظْرةٌ منهمُ تُغني الجميعَ فلا تَعجلْ وراعِ مَقــامَ الحُِبِّ بالحَذَر
وكُـن أديبا لبيبا غيرَ مُكترِثٍ بِقَولِ عمرٍو وزَيـدٍ قاصِرِي البَصَر
يُعطُوكَ مِن نَفحَةِ القُدُّوسِ بارِقةً تُغنِيكَ عن كُلِّ نُورٍ ساطعٍ بَهر
همُ الساداتُ لا تَعْبأْ بِغيـــرِهمُ إلا مُشاركَهم في نَبعـةِ الأَثَر
ثُمَّ الصلاةُ على المختـار سيّدِنا الطاهِرِ المُجتبى المبعوثِ بالعِبَر
والآلِ كُلهمِ والصحبِ ما غَرَّدَتْ حَمامُ أَيكٍ على الأَغصانِ بالذُّعُر
*شأو: غاية. قلوصك: القلوص الناقة الفتية.
*رِدْ: أي ائت الورد واشرب. زلالا: الزلال الماء الصافي.
*خرط القتاد: انتزاع شوكه وهو مثل لما يعرض دون الأمر الصعب من عراقيل. معمعة: معركة.
المصدر: ديوان الساحل
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
وصلى الله على الهادى الأمين
أفدتم وأجدتم
ردحذف