بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 15 مارس 2013

الداه ولد سيدي الأمين ولد أحمد


كان الداه ولد سيدي الأمين ولد أحمد أسمر البشرة متوسط القوام وسيما إلى درجة الجمال محبب الطلعة قال الشاعر والقاضي أحمد يرو :
للداه منزلة في القلب وهو فتى قد أستوي فوق عرش الشعر ذي العظم بايعته والقوافي تحت إمرته ومن يبايع أمير الشعر لم يلم ،وكان راوية للأدب والشعر،محدثا بهما،عالما بتاريخ القبائل و أخبار العلماء والأدباء والأمراء وسيرهم ومآثرهم . وكان سريع الرضا حلو الحديث يستقبل ضيوفه وزواره بكل حفاوة وأريحية ويخدمهم بنفسه بكل تواضع . قال فضيلة القاضي والشاعر الأديب شكرود بن محمدو بن محمود الإجيجبي:
عند الداه أمكيل طيت ولد سيـــد الأمين
ولد أحمد مــاقط ريت من لحسان الزين
وقال في أدبه:
لعاد المزال يوجـــد شاعر طبـع الداه
ولد سيد ألمين لحمد واســـك مغنـــــــاه
وقال فضيلة القاضي سيدي أحمد البكاي ولد القاظي الكنتي الحيبلي :
زيارة الداه من بعد وعن كثب *** على أولي الفضل مكتوب من الأدب
أنى ومهما وأيا ما تزره تجد أندى المــــــــــكارم من راحاته تصب
فذ بقى لتراث المجد مصطبرا والناس تركض في أسواق ذا الحطب
وقال خطري ولد أجيرب الكنتي الوافي :
هون الخلق أطعمت فناي مستحيل أعليه إحوشيك
كاعد بين الماش والجاي ما صالح مرجع ماه بيك
اول لاه يصــلح فيه أراي ماه بيك أو متعلق فـــيك
وقال الشاعر البركني الأديب عبد الودود ولد الشيخ :
حد إكولن كيف الداه عند عن ما فات اخلق
ول عاد اخلق ما شفناه إيبس رحم سابق يخلف

واطلع الشاعر الشاب محمد فاضل ولد حكي على ديوان الشاعر فكتب:
لكنتة في الأقلال عز ومفخر وللداه في قلبي ما هو أكبر
تصفحت ديوان الأديب فخلته من السحر ما أوتي أو هو أكثر
فأعلنت إعجابي وأيقنت أنه من "اتكنت" بوحي ما أحس وأشعر

وكان الداه عزوفا عن الطعام لا يكاد يتناول منه حتى صار مضرب المثل في ذلك وكان مدمنا على الشاي والدخان (أمنيجه) حتى قال الناس إنهما طعامه وشرابه . ولكن الميزة التي ميزته من شبابه وحتى اليوم هي هندامه فقد كان يعتني به عناية ظاهرة ، يتخيرله من آخر طراز ويقتنى بأغلى الأثمان. وكان لا يدخل السوق ولا يمس النقود إلا اضطرارا ، فكان صاحب هيئة- كما يقول الفقهاء – في كل ما يتصل به . فعندما يسافر في رحلته السنوية إلى أصدقائه في البادية فإن راحلته تكون من أعرق الرواحل وأثمنها و(شروطها) من آخر طراز تنمقه أنامل أفره صانعة تقليدية ومواعينه مزخرفة لماعة قوامها (طابلة) متحركة و(سرفاية) كبيرة للجماعة و(سرفاية) صغيرة تحمل كأسا واحدة منمقة غير ملأى للداه . ويقول الداه إنه ما أخذ قط على إدمانه الشاي كأسا يدا بيد حتى قبل ظهور (السرفاي) . ويحمل الداه معه دائما في رحلاته سريره الوثير ووسادته المحشوة بالقطن المحلي ( جيوه) ، وإناء لبقا نظيفا يتناول فيه القليل الذي يتناوله من طعام . أما ( تاسوفرته) - وهي وعاء جلدي تقليدي مزخرف بطول متر ونصف وعرض نصف المتر في المتوسط يحمل على ظهر الجملفبخلاف إنائه فهي ضخمة فخمة لا يحملها غير ثلاثة رجال يجعل فيها ، خنشة سكر من خمسين كيلوغراما وكيس ورقة من أكبر عيار ثم ما شاء الله من رزم الثياب والحاجيات المختلفة . ومدفعه دائما إلى جنبه . وجمل الداه دائما من أعرق عروق الإبل وأنجبها مرة ( لحمامي) أي في لون الحمام ، ومرة ( لشعل) أي المحجل الذي في يديه وعنقه بياض وهو من أحسن ألوان الإبل عند أهلها ، وغنمه التي تهدى إليه أسمها ( التبسام) بمعنى أن من ينظر إليها لا محالة يبتسم لحسنها. أما فرسه الشهباء(منت الحوه ) فقصة فوق هذا كله .استجلبها من الحوض الشرقي من حضرة المربي الصوفي الكبير المرحوم شيخنا ولد يب ولد التار الكنتي البكري وهي من خيل (أهل اشماته ) أعرق مدارك الخيل في ولاية الحوض الشرقي . لا تشرب منت الحوه الماء صرفا فلا بد من لبن يضاف إليه مهما تكن الظروف ، ولا تعلف القمح الذي يطيل شعرها حسب الشاعر فيجعلها غير جرداء سابحة كفرس المتنبي وإنما تعلف الذرة الأصيلة ( متر) أو ( ارحيه) وهي مقربة أبدا بفناء الدار كفرس المهلهل أو فرس الموريتاني القديم ( بين عينيك أو بين رجليك ) ، لا تقيد أبدا فذلك يصنع بالحمير ويطيل ظهور الجياد وإنما (تشكل) وتحمم بالماء والصابون كل يوم وتقلم أظافرها عند أمهر صانع تقليدي كل بضعة أشهر ويصبغ عرفها وبعض أعضائها بالحناء كل يوم عيد . ولم تكن آلة الفرس دون آلة الجمل صونا وتنميقا ، وكان الشاعر حريصا على تسمية أجزاء هذه الآلة السرج واللجام بأسمائها التقليدية وهي عالم من الأسماء لم يعد يعرفه إلا الشاعر أو أترابه نبدأه بالسرج الذي يتألف من (القصبة) وتصنع من الخشب الجيد ( تيشط) وتتألف القصبة من (القربوص) وهو الجزء الأمامي منها وأسفله يوجد قوس خشبي أسمه (أقفال) وهو موضع يد الفارس الممسكة للعنان ويعتبر خروج يد الفارس من تحت أقفال لحنا عند العارفين بشؤون الخيل . والجزء الخلفي من القصبة عبارة عن سهمين خشبيين اسمهما ( التانتفرت) في أسفل السهم الأيسر يوجد ثقب اسمه (العقب) تعلق به (العلافة) عادة وهي وعاء جلدي تعلف فيه الفرس. يجعل تحت القصبة مما يلي صهوة الفرس فراش جلدي منمق اسمه (الترشيح) ويجعل فوق القصبة فراش وثير محشو بمادة قطنية اسمها (جيوه) وهذا الفراش اسمه( أستاره) يجلس عليه الفارس ، وتثبت استاره إلى القصبة بنسع جلدي دقيق مزخرف اسمه (المعون) يوصل رأساه بثقبين في طرفي القصبة اسمهما ( أرزز) ومنه المثل الحساني ( دار كرعيه فرزز) يضرب للمبالغة في التسرع، ويشد السرج كله إلى بطن الفرس بشريط جلدي عريض محكم الفتل والتنميق اسمه ( لحزام).
وأما اللجام فيتألف من ( الفاس) وهو قطعة حديدية نصف دائرية تجعل في فم الفرس ،وتنتصب وسط (الفاس) قطعة حديد أخرى اسمها (القادوم) مهمتها إيقاف الفرس ومنه العبارة الحسانية التي تشير إلى الفرس الجامح ( عظت الفاس) وتوجد القادوم وسط دائرة حديدية تجعل تحت فكي الفرس الأسفلين اسمها (اصريمه ) ومهمتها اسكان الفاس بين فكي الفرس.وفي أسفل الفاس مما يلي الفك السفلي للفرس يوجد قضيبان حديديان مستديرا الرأسين اسمهما (لمداور)يليهما في رأسيهما المدورين حلقتان حديديتان اسمهما( الزبدات) يثبت فيهما العنان . والعنان أخيرا وهو من الجلد عالي الجودة والصناعة ينتهي رأساه مما يلي يد الفارس بعقدة محكمة الفتل اسمها (عقدة لعنان) لا يعرف إحكامها إلا العارفون ، تتصل بعقدة العنان حلقة جلدية أسمها (الذرة) يدخل فيها الفارس يده راكبا ويثبتها في الكربوص في حال عدم الركوب.وهناك (الحسكة ) ودورها جمالي في آلة الخيل وهي من الجلد القوي المزخرف بالنحاس والفضة وتجعل حول ناصيتي الفرس.
ركب الداه ذات يوم فرسه ( منت الحوه) إلى المكتب فلقيه صديقه الأديب عبد الودود ولد الشيخ البركني فانشد يقول:
أل اينيمش هذا هـــــو من عند الفتوح إلى ايلاه
الداه أعل منت الحوه منت الحــــوه تربل بالداه
وأنجبت أبنتها الأولى فراحة فانهالت عليها التهاني والهدايا وكتب صديق الشاعر الأديب المرحوم محمد ولد الحاج التروزي مهنئا يقول :
ثنتين أمن الحوات ملك الداه الصافي
منارة خيل أمـــات مدرك سيد الوافي
وكان الداه يحب أن ينوه بمحاسن آلته وكان أصدقاؤه ينزلون عند رغبته ، فنزل عنده صديقه المرحوم أحمد ولد طالبنا الكنتي البكري وكان الداه قد أنهى تشييد عريشه( أمباره ) بالرشيد الجديد في لعصابه فقال أحمد :
والله بعــــــد أل رشيد زين أزيان معــناه
يغير البنيان أمن أبعيد أزين فر أمبار الداه

وطلب منه أبن صديقه الأديب عابدين ولد أعمر البركني خروفا عندما يعود من الرحلة ، وعندما عاد أرسل إليه خروفا وأمه، وجاء عابدين للسلام على صديقه وهو يقول : يا الداه البني يطلب خروفا وأنت تعطيه الخروف وأمه !! فقال الداه هل ترى يا عابدين أنه (من أتكنت ) أن نعطي الخروف ونمسك أمه؟ فانشد عابدين على البديهة :
التــال من كنـــت بديه والتال من قريش الــحق
باتكنتيه أل ســـاكن فيه واتخومـيــه أل ما يطلق
حق الداه أمتلاحق فيه ياســـر ثان من ش يبـلق.
له :

غرامي بالرحال على الجمال
وانتظر القدوم لماء بئر
ولا سير السفائن في اشتعال
وأذكر بالنحيب خيام قومي
وأنحاء الأضاة4 فإن دمعي
تجوب بي النجائب وسط نجدي
إلى أم الطبول6 وكل هضب
سلامي والسلام له حروف
تحط لدى الخيام على الرمال
سيقدم بالرواح أو الزوال
ولا دور الضياء مع الزلال
بأنحاء الرشيد3 على التلال
عليها اليوم منطلق العزالي
(أشاريم)5 في اليمين وفي الشمال
إلى وادي انكدي7 وذي السيال
بماء الدر تكتب للوصال


هناك تعليق واحد:

  1. اسكي حتى ذا زين تتعلك بيه لخلاك بيه البساطة و النقاوة

    ردحذف

تضمين الرسالة أدناه

وصلى الله على الهادى الأمين