بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 13 مارس 2013

الشيخ بن سيدن بن حمادي الكنتي


من أعلام المدرسة الكنتية المعاصرين /الشيخ بن سيدن بن حمادي الكنتي>الحمد لله الذي جعل للعلم حملة عدولا و بوأهم مكانا عليا و حصَر خشيته عليهم فقال جل وعلا(انَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) كما بين صلى الله عليه وسلم عدالتهم كما في الحديث عن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " . رواه البيهقي. و من بين حملة العلم في هذا الجيل عالم رباني يتحاشى الأضواء ووسائل الإعلام لم يظهر أبدا على شاشة تلفاز ولا تكلم في مذياع و لا في شريط نبذ الدنيا وراء ظهره و اشتغل بما خُلق له ، لم يرض عن حياة المدينة فاستوطن البادية ، تحديدا في مكان يسمى عريظ على بعد 30 كلم شرقي مركز مال الاداري بولاية لبراكنة.
لم يضع لبنة على لبنة رغم مراودة بعض التلاميذ له ببناء دار له يقطنها فكان يجيبهم هيهات هيهات إنما أنا مسافر تكفيني شجرة وعما قريب سأظعن عنها.
نسبه و مولده و نشأته
إنه الشيخ بن سيدن بن حمادي الكنتي المولود في حدود 1925 بضواحي مقاطعة مكطع لحجار بولاية لبراكنة ،من ابوين صالحين .فنشأ و تربى في بيت علم و صلاح و عز و سخاء والده : سيدى محمد الملقب ( سيدن ) ولد حمادي ولد باب أحمد ولد امحمد ولد زين العابدين الملقب ( بكر الطهارة ) ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي.وأمه : فاطم بنت سيد امحمد ولد البكاي ولد باب أحمد ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي .
رحلاته العلمية :
1- رحلته العلمية داخل منطقة آفطوط
تلقى مبادئ العلوم الشرعية في محظرة والده سيدي محمد ولد حمادي الملقب ( سيدن )الذي يعد من أبرز أعلام العلم و التصوف و الصلاح و السخاء و الفطنة و الذكاء. و كان شيخا مربيا ضربت إليه أكباد الإبل من كل حدب و صوب لزيارته و الأخذ عنه ، فكان مرشدا و معلما و مربيا من الطراز الأول توفي سنة 1968م رحمه الله ، دفن شرقي مركز (مال الاداري ) قرب مكان مأهول بالسكان الآن يدعى ( لكويسي أو اصليليحة ).
و بعد أن حفظ الشيخ القرآن في محظرة والده و قرأ بعض الكتب الفقهية و النحو و السيرة النبوية ، تاقت نفسه للرحلة في طلب العلم خارج المنطقة فالتحق أولا بمحظرة أواه ولد الطالب ابراهيم التاگاطي بضواحي مقاطعة مكطع لحجار، ثم عمل الرحلة إلى حافظ المذهب - مالك زمانه و سيبويه عصره و أوانه لمرابط: أباه ولد محمد الآمين اللمتوني وتقع محظرته في الحدود الشرقية لولاية لبراكنه وعلى الغرب من ولاية تكانت ، عرف بكثرة العلوم و الطلاب وقد حدثنا الشيخ أطال الله بقاءه و متعنا به عن شيخيه فيقول : ((لا أعلم أحدا في آفطوط أكثر علما من لمرابط (اباه ولد محمد الآمين اللمتوني . ولا أعلم أحدا في آفطوط أشد ورعا من لمرابط (أواه ولد الطالب ابراهيم التاگاطي) ، ثم يردف قائلا (( لمرابط أواه رجل صالح)) .ويقول ((زمني في التلاميذ عند شيخي لمرابط أباه ولد محمد الآمين كان كثيرا ما يقد مني للصلاة بهم رغم حداثة سني)) .
2- رحلته الى مدينة ولاته
ثم انتقل وشد الرحال الى مدينة ولاته طالب علم ، قال وجدت بها محظرة زاخرة بأنواع العلوم الشرعية و شيخنا المدرس بها يدعى: شيخنا امحمدي ولد سيدي عثمان الولاتي لا يرد لوحا عبارة عن كثرة معارفه ووجدت بها رجلا من أولاد بوسيف يدعى الشيخ سيدي محمد ولد عابدين ولد حيبلل الولاتي عالما جليلا و محدثا لا يباري في الحديث وهو حموى الطريقة ، و عندما وصلت محظرة ولاته علم بي فأتاني و طلبني بالذهاب صحبته إلى داره و كانت قريبة من المحظرة ، فقال لي هذه البلاد ليست آمنة إشارة منه إلى الحرب التي دارت رحاها بين تنواجيو من جهة و تلامذة الشيخ حماه الله من جهة ثانية بل كادت أن تكون حربا عقدية بين المحسوبين على الطريقة القادرية والمسوبين على الطريقة الحموية لولا عناية الله تعالى بعباده المومنين ولطفه حيث خمدت نارها ونزع فتيلها فرجع الناس اخوة كما كانوا قبلها.
ويذكر الشيخ أنه لما توفي العلامة المحدث الشيخ سيدي محمد ولد عابدين ولد حيبلل الولاتي رآه بعض مناوئيه من علماء وصلحاء تنواجيو في النوم وقد حضره ملائكة العذاب وأ، الشيخ سيدي المختار الكنتي جاء يحمل ربقة فقال مخاطبا ملائكة العذاب لدي ربقة اذا دخل رأسه فيها فأنا ذاهب به وان لم يدخل فشأنكم به قالوا فقاسها عليه فدخل فيها رأسه وذهب به الشيخ فأعتقدوا أنها ربقة الاسلام.
قال وقد لقيت بولاته (اگيگ ولد أبّ عمُرالولاتي) وكنا وقتها نصلي في المسجد فلما قضيت الصلاة سألني عن هويتي وقال ضمن كلامه أنت رحالي؟- رغم إني لم أسمع بتلك الكلمة لكن فهمت أنه يعني أهل البادية - فقلت : بلى لكن علمت أنه غير راض عن تواجدي في محظرة ولاته وهو صاحب الحل و العقد بها ، لكن كنت مصرا على أن لا أفارق التلاميذ في المحظرة ، ثم ألح علي المحدث البوسيفي الكنتي الحموي أن أغادر المحظرة و أسكن في داره قائلا لا آمن عليك إذ يرى أن حياتي معرضة للخطر – وليس في المدينة أكثر مني علما ،وسأعلمك فلم أكترث بما قال ولم استجب لطلبه وبقيت في المحظرة بين الطلبة وخلت تعاطفا غير معلن معي من طرف شيخ المحظرة شيخنا امحمدي ولد سيد عثمان الولاتي.
هذا وقد مكث الشيخ في محظرة ولاته سنين لا أحصيها بالتحديد حتى أكمل دراسته وصار عالما و شاعرا .
بعض المرائي والطرف في ولاته
سمعته يقول - أطال الله بقاءه ومتعنا به زمنا طويلا- : زمني في محظرة ولاته كنت كثيرا ما أبيت عند ضريح جدنا الشيخ سيدي احمد البكاي الكنتي أقرأ القرآن وأراجع ما قرأت ، وكنت ألاحظ عند ضريحه اعتدالا في الجو فلا أحس بالبرد زمن البرد ولا بالحر زمن الحر. واتفق أن رأيته ذات ليلة في النوم فقلت يا شيخ أنا مقيم بمحظرة ولاته ومعي محمد الآمين بن سيد أبّ كلانا طالب علم. و رجائي أن تضمننا على الله تعالى فقال لي الشيخ سيدي أحمد البكاي - وأنا في النوم طبعا – أعنّي بتقوى الله فرددت عليه إذا إتقيت الله تعالى فلا حاجة لي فيك .
وكان أطال الله بقاءه و متعنا به إذا قص هذه الرؤيا علينا يضحك واضعا يده على فيه كعادته وتسيل دموعه على لحيته حتى تخضل لحيته.
قال: وكنت نائما ذات ليلة عند الشيخ سيداحمد البكاي فإذا بامرأة عليها ملحفة سوداء قشيبة فمدت يدها بالسلام علي فقلت لست لك بمحرم قالت أوما تعرفني ؟ أنا ام المومنين بنت سيد الامين قلت لا أعرف هذا الاسم قالت تقولون لي أمّنْ بنت سيد الامين قلت حقا أختي في الرضاعة فسلمت عليها وسألتها قائلا عهدي بك مع أهلنا في "أگان" منطقة شمال مگطع لحجار قالت توفيت بعدك فنقلني الشيخ سيداحمد البكاي الى هنا قال فلما أصبحت كتبت تاريخ الليلة محددا الشهر والسنة فلما رجعت الى الاهل بولاية لبراكنة سألت عنها فقالوا توفيت رحمها الله فسألتهم عن تاريخ وفاتها فأخبروني به فإذا هو التاريخ الذي رأيتها فيه.
وسمعته يقول أيضا كنا دولة : يعني جماعة تدرس فنا واحدا ، أنا و محمد الآمين التنواجيوي ، ومحمد الآمين بن سيد أبّ الكنتي ، فطرح علينا أحد الولاتيين مسألة في الفقه فأفتيناه بمشهورالمذهب المالكي ثم ذهب إلى أحد أعيان علماء ولاته وكان عالما جليلا محدثا يدعى المرواني ولد اهل أبّ الولاتي ، فسأله عن المسألة التي سألنا عنها فأفتاه بخلاف ما قلنا فقال له السائل عندي فتوى تخالف ما أفتيت به فقال أعلم أنها صادرة عن "أطليبت اخليل" بالتصغير يعني طلبة الشيخ خليل ، فأنهى إلينا أحد الحاضرين الخبر فوجدنا على الشيخ المرواني الولاتي ، وقال محمد الأمين بن سيد أبّ - و كان رحمه الله عنه آية في العلم و الحفظ و الفهم - الصواب ما أفتينا به و ما قال المرواني خطأ لا يلتفت إليه فوقع سجال بيننا وبين المرواني في المسألة ،فلما نمت تلك الليلة وجدت فيما يرى النائم مالكا بن انس و أحمد بن حنبل و أبا حنيفة و الشافعي فقالوا لي إتركوا المرواني لا تتعرضوا له ما قال إلا حقا ونحن جميعنا متفقون وليس بيننا خلاف يذكر.
وسمعته يقول أطال الله بقاءه أدركت رجلا في مدينة ولاته يسكن منفردا وهو بهلول تصفه العامة بالجنون وذات يوم عزمنا بعض الولاتيين – نحن طلبة المحظرة – فلما وقفنا بالباب مستأنسين ننتظر الاذن من صاحب الدار إذا بالرجل البهلول يحمل قصعة كبيرة فسأله بعض التلاميذ عن مهمته فقال أريد ماء لأًغسّل به لأني مفارق للحياة الساعة فضحك منه الطلبة فقالوا مازلت على الحالة التي عهدناك بها فقال لست هازلا لكني ميت الساعة فناوله أهل الدار الماء فالتفت الي وقال لي : الشيخ أدركني فإنني ميت وأريدك أن تحضرني وكنت أتوضأ وقلت لا يفصلني عنك إلا أن أتم وضوئي وأستأذن أهل الدار الذين عزمونا فأتممت وضوئي وذهبت اليه فإذا به سبقني الى مكانه وقد وضع إناء الماء عند رأسه وسجّى جسمه برداء فسلمت فلم يرد علي فجلست وكشفت عن وجهه فإذا به قد فارق الحياة فأنعيته الى الناس وجهزناه وقمنا بتشييعه رحمه الله .
هذا وكان لي مع البهلول في حياته قصة من الطرافة بمكان وذلك أني لما أصبت بمرض ألم بي فنصحني بعض الناس بشرب لبن البقر الساخن فسمع البهلول بالخبر فدعاني فأتيته فقال لقد وجدت عليك لأمر فعلته وغاظني قلت: ما كان ينبغي لي أن أغيظك ولا أعلم شيئا عن الامر قال أنت مريض ودواؤك لبن البقر الساخن وأنا عندي بقرات حلوب وليس معي أحد وعدم طلبك مني الدواء أغاظني عليك والآن لا يزيل ذلك عني إلا أن تداوم كل ليلة على المجيء الي لتشرب اللبن عندي فقلت أفعل ان شاء الله فأتيته المرة الاولى فلما شربت اللبن سمعته يقول سرا هذه البقيرات لايذوق طعم لبنها أحد إلا غلبته نفسه عن الاستقرار عنه لشدة حب لبنها على الناس فصرفت نفسي عن ذلك كأني لم أسمعه فأتيته في الليلة الثانية فسقاني على عادته ثم قال لي : أتعلم أني أحبك أكثر من غيري قلت اللهم نعم قال أتعلم أني لا أحب أحدا في ولاته كحبي لك قلت نعم قال وتثق بقولي وتسمع نصيحتي قلت نعم قال هذه البقرات التي ترى لا يداوم أحد على شرب لبنها إلا مات سريعا وقد جرب ذلك وصح وهذه نصيحتي لك فعلمت أنه لا يريدني بعدها فأنهيت الأمر.
العودة الى الديار
يقول الشيخ : لما أنهيت دراستي طلب مني بعض الأعيان المقام في ولاته على رسم القضاء بين الناس فسكنت نفسي لذلك ، فلم أنشب حتى وصلني رسل والدي ،سيدن بن حمادي قادمين من ولاية لبراكنة، فقلت ما وراءكم فقالوا أرسلنا الوالد سيدن لتأتي معنا. و الرسولان هما أخي الآكبر : حمادي الملقب ( احميدي ) وأحمد لمرابط بن ابراهيم فال البصادي من أهل "ابيرألبن" بضواحي بوتلميت و كان تلميذا لوالدنا و قد قرأت عليه القرآن قبل ارتحالي عن الأهل ، و هو عالم جليل تقى نقي صالح لا يكاد يوجد له نظير لسانه رطب بذكر الله مستقيم زاهد ورع رحمه الله تعالى توفي في حدود 1995 ناهز المائة . ولما أنهيا إلى الخبر بطلب الوالد بالرجوع استخرت الله و استشرت رجلا وجدوني نازلا عنده من قبيلة ( لحمنات ) وكان رجلا لبيبا عاقلا يدعى : سيد امحمد ولد لخلاگة بكاف معقودة فقلت له على ديْن و هؤلاء رسل الوالد كما ترى فقال الرأي أن تلبى دعوة الوالد و الديْن على قضاؤه كاملا ، فاتصل بالدائنين ووفاهم حقهم كاملا على أحسن ما يرام .ثم سرنا قافلين إلى حيث مضارب حي الوالد في لبراكنة.
منهج الشيخ ومدرسته الاصلاحية:
كان مدرسة في هديه و سمته و دلّه : قدوة في الزهد و الورع و الاستقامة و التقوى و خشية الله تعالى ،مدرسة في الأخلاق و الإنفاق و بذل المعروف و الإرشاد و إصلاح ذات البين و سلوك منهاج السنة و الإقبال على الله بالكلية يكره البدعة و يتحاشى المكروهات و يواظب على السنن و المندوبات ، و مدارسة القرآن له حزب يومي من القرآن يقرأ ثلاثة أحزاب كل يوم في حله وترحاله وصحته ومرضه ، لا يدعه إلا اذا اشتد مرضه ، فإذا أحس بعافية استأنفه كان رفيقا بالضعفاء مشفقا على خلق الله حتى البهائم يظل زمن الحر يضع الماء تحت الشجر للطيور البرية و في جانب البيت (الخيمة).
مدرسة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإحياء نهج السلف الصالح مدرسة في التواضع و العفة والكرامة و التودد إلى الناس يعرف الفضل لذويه لا يغتاب عنده أحد و لا يزدري أحدا و لا يتطاول ولا يتفاخر ، ولا يبطر غاضا للبصر يمشي على الأرض هونا مطأطئا رأسه ، وربما جعل يديه وراء ظهره لا يفتر عن التسبيح في جميع أحيانه لا يقهقه في ضحكه جل ضحكه التبسم وإذا ضحك وضع يده على فمه جاعلا سبابته بجانب أنفه يداعب الصبيان و ويباسطهم و يسابقهم. مكرما للضيوف و الجيران ينفق ما عنده ابن وقته لا يكترث بما مضى ولا يأسف على ما فاته ولا يفرح بما أوتى ولا يتشوف للمستقبل مداوما على قيام الليل كثير التفكر.لا يرى لنفسه خصوصية ،أتذكر ذات يوم وكان يوما شديد الحر وأنا مضطجع بجانبه و معنا بعض تلامذته إذ جاءت فرس لنا تريد الماء فلما أبصرها قام إليها وأخذ إناء وحل القربة فنهضت إليه فقلت له لو نبهتنا فنحن أولى بذلك فقال ما الفرق بيني و بينكم وكان يكرم الخيل وهي أحب الحيوان إليه ويقول الاثر (الخيل معقود في نواصيها الخير) .
محافظا على مواقيت الصلاة رغم أنه لا يرتدي ساعة ولا يقتنيها ولا يستمع إلى مذياع و مع ذلك لا يدخل الوقت إلا أحس به فكان أول من ينبهنا على الوقت فيقول أذنوا الوقت دخل آنفا فأنظر ساعتي فإذا به كما قال وكنت أتعجب لذلك وربما كان نائما فإذا دخل الوقت فتح عينيه الكريمتين وقال الوقت دخل آنفا ، رغم انه لا يستمع إلى مذياع كما أسلفت و مع ذلك حريص كل انتهاء نشرة اخبار على سؤالنا عن أحوال المسلمين في أقطار الدنيا يواكب الأنباء ويدعو دائما للمسلمين بالنصر والغلبة والتمكين على أعدائهم .
لا ينبهر بالحضارة ولا يلتفت إلى شيء من متاع الدنيا ، وكثيرا ما يقول : الدنيا غدارة مكارة ظاهرها سرور وباطنها ويل و ثبور ويقول الدنيا إنما خلقت للزوال فهي دار امتحان لا دار بقاء فتزودوا منها للدار الآخرة التي هي الحيوان ، فالويل كل الويل لمن اغتر بالدنيا وركن إليها و اشتغل بها و نسى ما خلق له وهو معرفة الله وعبادته وإنما الدنيا مطية الآخرة لمن أحسن ركوبها ، (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ).
ويحثنا دائما على تقوى الله ، ويقول ما عند الله خير و أبقى وما عند الله لا ينال إلا برضى الله ويقول (العاقل من لا يدخل نفسه في أمر يكره أن يأتيه الموت بغتة وهو متلبس به)، ويقول (العاقل من أغلق باب الشر كلية وفتح باب الخير فجعل فيه ما استطاع إليه سبيلا ).
ويحثنا على طلب العلم لوجه الله تعالى وتعاهد القرآن ، وإذا جلس أحدنا عنده قال خذ تفسير كذا واقرأ لنا من الآيه كذا ، وربما شغلنا طيلة اليوم بالمطالعة وربما نام فإذا استيقظ قال توقفت عند كذا فأتمم لنا وتارة يأمرنا بالبحث في قواميس اللغة مع انه كان مرجعا في اللغة ، لكن يريد أن يعودنا على المطالعة و الاشتغال بالعلم .
تأسيس المحظرة
لما انهى دراسته و رجع إلى موطنه الأصلي أسس محظرة فقصدها بعض الطلبة ، و جلب بعضا من الطلبة من دولة السنغال و بالتحديد قرية أهل بو نعامة الكنتيين و تسمى (انجاصان) قرب ولاية تواون .وكان يأخذ أساتذة القرآن لتدريس أبناء الحي قبل أن يرزق بأولاده الأربعة وهم حمادي ،و سيدي المختار و سيدامحمد و سيدي حيبلل و عقلت أنا عليه يدرسنا الفقه و النحو و السيرة النبوية و الشعر الجاهلي ، ويفرض لمعلم القرآن راتبا و لباس عياله كل عيد و نفقته و نفقة عياله بقدر من الزرع يحدده بعض في الشتاء و بعض في الصيف و ناقة أو بقرة حلوبا.
أوفد إليه زميله محمد الأمين الشيخ التنواجيوي من عرضوا عليه أن يتبع محظرته لمدارس ابن عامر ففعل و طلب منهم فتح مدارس قرآنية لبعض الجيران و الأخوة ففعلوا و سموه مفتشا عاما . ثم بعد ذلك أعلن لهم استقالته قائلا لا وقت لي و تخلى عنها .
مؤلفاته وانجازاته العلمية :
1- تحفة الحميم في ذكر بعض ما تشير اليه حروف بسم الله الرحمن الرحيم و بهامشه ملتقطات لصاحب الكتاب تجلى الخفي و تؤيد الجلي .
2- رسالة في التصوف الى مريده سيدي امحمد ولد عابدين الكنتي ( ابوه ) مخطوط بخط التا ولد الشيخ عبد الرحمن الاجيجبي
3- رسالة في حكم تمدرس البنات
4- شرح قصيدة له تتعلق بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر مخطوط
5- رسالة جوابية في التصوف لأحد مريديه بالمغرب يدعى محمد المختار ولد سيد أب الكنتي
6- رسالة لمحمد الآمين الشيخ التنواجيوي تفسير رؤيا طلب من الشيخ تفسيرها/ مخطوط
7- عجالة تحث على اصلاح ذات البين
8- عجالة في السياسة رد بها على القاضي المحلى محمد بن سيد اوبك الكنتي
9- نظم للسجود في القران
10- ديوان شعر تتوزعه أغراض التوسل و الرثاء و النصيحة و الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر الى غير ذلك .
بعض من أخذوا عنه :
أخذ عنه خلق كثير منهم على سبيل المثال لا الحصر :
1- الشيخ و الاستاذ باب احمد بن حم الأمين ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي رحمه الله تعالى كان قيما على زاوية الشيخ سيدي المختار الكنتي بنواكشوط و إماما لها قبل أن يجاور بمكة المكرمة زادها الله شرفا .وبها توفي في فبراير 2012 و دفن بجوار والدته بالمعلى وكان فقيها زاهدا و رجلا صالحا و مدرسا نظاميا.
2- الشيخ سيدي محمد ولد سيد اعمر الركادي الكنتي
3- محمد يسلم ولد شماد المتغنبري برلماني سابق
4- الشيخ سيد امحمد ولد الشيخ ولد عابدين ( ابوه ) ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي
5- محمد المختار ولد سيدي اب الكنتي ( لعيون المغرب )
6- باب ولد الخليفة ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي
7- خديجة بنت سيدي الآمين البوسيفية الكنتية
8- البكاي ولد سيدن ولد سيد أعمر ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي
9- ابنه : سيدامحمد ولد الشيخ ولد سيدن ولد حمادي
10- اسلم ولد الشيخ الناجي ولد الشيخ محمد فال الآديلكي
11- الشيخ ابا ولد التا ولد الشيخ عبد الرحمن الاجيجبي
12- الشيخ جوب من قرية انجاصان سنغال
13- سيدي بابو سنغال
14- عبد الرحمن بن بونعامه سنغال
15- سيدي المختار بن ابو بن بونعامه سنغال
16- سيدي يحي بن ابو بن بو نعامة سنغال
17- حمادي ولد باب احمد ولد عابدين
18- باب ولد الشيباني
19- محمد ولد شيخنا ولد الشيخ ولد عابدين
20- محمد ولد الشيخ ولد البكاي ولد عابدين
21- بدو ولد السالك الدماني
22- احمد سالم ولد حبيب الله الفلالي
23- ديدي ولد ادويسو (عبد الله)
و غيرهم كثير و من قبائل شتى أعرضنا عن جلبها خشية الإطالة
بعض كراماته رضى الله عنا و عنه و متعنا ببقائه زمانا
أجرى الله على يديه كثيرا من الكرامات و الخوارق و المكاشفات و استجابة الدعاء . و من ابرز كراماته :
• الإستقامة في الدين و متابعة السنة مع كرهه الشديد لألوان البدع و مخالفة السنة .
• و منها ما أخبرني به محمد الآمين الشيخ التنواجيوي مؤسس مدارس ابن عامر رحمه الله تعالى ، و كان صديقا حميما للوالد الشيخ قال كنا في محظرة ولاته و كنت أصغر منه سنا وكنا إذا أقرأنا أستاذنا الدرس أخذ بأذني و خرجنا إلى فضاء فيراجع لي ما قال أستاذنا و يفيض علي بما لم يقله الشيخ مما فتح الله به عليه. ومما شاهدت منه أننا كنا ذات ليلة في غرفة من المحظرة و معنا تلميذ آخر و قد نمنا عن نافذة مفتوحة فلما تأخر الليل إذا بدابة بشعة فظيعة المنظر لم أر مثلها بشاعة و فظاعة فقصدتني فلم استطع كلاما ولا حراكا فعمد الشيخ و جعل يحول بيني وبينها فانزاحت عني و قصدت زميلنا وأنا أنظر فغطته ، فلما أصبحنا إذا بزميلنا قد فارق الحياة فقلت للشيخ لقد أغثتني و أجرتني بفضل الله و نجيتني بقدرة الله من موت محقق قال أو أبصرت ذلك قلت نعم قال اسكت ولا تبح بهذا الأمر لأحد .
• وسمعته أطال الله بقاءه و متعنا به زمانا، يقول أياما كنا في محظرة ولاته أصيب محمد الأمين بن سيد اب الكنتي بوعكة صحية فصعد ذات ليلة على سطح الغرفة و جعل يرتل القرآن و كان قارئا حسن الصوت فجعلت استمع لتلاوته و أنا خارج الغرفة فإذا بظلة كأنها مزن و فيها مصابيح مضيئة تتدلى عليه و إذا توقف عن القراءة ارتفعت فقلت الحق به فأسأله هل رأى شيئا فسألته فقال لم أر شيئا فأعتقدت أنها السكينة ،
• و سمعته يقول كنت مسافرا إلى أخوالنا أهل "محنض نالله" ( بطن من أولاد أبييري ) بضواحي بتلميت الآن هم أخوالنا لأن والدة الجد : سيدي محمد بن حمادي ( الملقب سيدن) منهم وهي تدعى محجوبة بنت ابن عمر.قال وكان معي رجل من أهل "محنض نالله" يدعى الديش ، و كان في الظاهر صاحب دعابة و هزل و إذا نام بجنبي وغط في نومه سمعت لسانه يرتل القران كأحسن ما أنت سامع وذلك فضل الله يؤته من يشاء ، فبتنا ذات ليلة بخلاء من الأرض و إلى جانبنا مقبرة فلما أصبحنا طلبنا رواحلنا فلم نعثر لها على أثر و كان الزمن زمن صيف و حر شديد و ماؤنا قليل فجلست أنا أحرس متاعنا و ذهب الديش و زميل لنا أخر في طلب الجمال فلم يجداها و كلما آتوني منعتهم الماء و طلبت منهم تكثيف البحث عن رواحنا فذات مرة غابوا عني فاستبطأتهم و كنت مستقبل القبلة على جهة أرى منها المقبرة ، فلاحظت أن شخصا يحاول الخروج من قبره فانشغلت في التفكير هل هذا ممكن ، ولم أصب بوحشة فانسل الرجل من القبر و عليه ثياب و أنا أنظر إليه فقصدني فلما وقف على سلم فرددت عليه السلام ، فقال أريد منكم صالح الدعاء فأجبته لست على مركوب ذلك . أي لست على استعداد لذلك قال و لم قلت ضلت رواحلنا و نفد ماؤنا و الحر كما ترى ولا علم لنا ببئر قريبة أو أناس فقال الآمر سهل ادع الله لنا و إذا أتاك صاحباك فقل لهم الرواحل وراء تلك الأكمة و على هذا الاتجاه و أشار بيده بئر يقطنها أناس غير بعيدين عنها و سترون أهل السقاية عند البئر فلما قفل قومي قلت لهم ابحثوا وراء تلك الأكمة فامتنعوا لشدة تعبهم فقلت خذوا بقية الماء و اشربوا و انظروا ما قلت لكم ففعلوا فوجدوها كما نعت ، و ذهبنا إلى الجهة التي أشار إليها فإذا بالبئر و عليها أناس يسقون و أ تينا الحي الذي ذكر فسألتهم عن تلك المقبرة فقالوا تلك مقبرة بها رجل منا صالح ( من أولاد أبييري ) فتعجبت لذلك.
• قال مقيده عفى الله عنه أتذكر ذات يوم و أنا بالغ و عندنا قطيع من الإبل فأصبح راعيها عاجزا عن رعيها و قد ذهبت ترعى لوحدها فلما ذهب بعض النهار ناداني الوالد الشيخ بن ،سيدن بن حمادي فلما أتيته قال هيا بنا لنرد الإبل فذهبت معه و جعلت أسير خلفه فلما ابتعدنا عن الحي إذ فقدته فجعلت أسير ابحث عنه في كل الاتجاهات علني أجد أثرا له فلم أر شيئا و كان المكان قاعا صفصفا لا ترى فيه عوجا ولا أمتا ، فلما يئست هممت بالرجوع إلى الحي فإذا به أمامى يقول هيا بنا ، فلم يلو يمينا ولا شمالا حتى دخلنا في غابة كثير شجرها و بها شجر العشر(تسمى بالمحلي تورجه ) و إذا بالقطيع في تلك الغابة يرعى العشب فتعجبت لذلك لكني لم أتجاسر على سؤاله مهابة له .
• و حدثني من أثق به و هو من تلاميذ الوالد يسمى محمد سالم ولد الكوري، قال أصابتنا سنة ندرت فيها المياه و نفد المرعى فذهبت أبحث عن قطيع بقر ضل منا و كانت فترة صيف فوجدت القطيع و بت عند الشيخ فلما اتضح النهار ذهبت أسوق القطيع و ذهب الشيخ يودعني فقلت هذا القطيع أضناه العطش ولا ماء دون مركز مال الإداري على مسافة 30 كلم ولا أرضى بمفارقتك حتى أجد ماء أو تظل معي فلم يجبني و جعل يحدثني حديثا أخر فلما خطونا خطوات دخل القطيع في ماء و جعل يشرب فقال لي الشيخ استودعتك الله و رجع فلما امتلأت بطون القطيع و خرج من الماء سرت به قليلا ثم قلت أرجع لأغتسل في الماء فلما رجعت إذا به قاعا صفصفا يابسا لا نبع فيه ولا أثر للماء.
• ومن ذلك ما قصت علينا الوالدة زوجه زينب بنت الشيباني ولد باب ولد سيدي المختار ولد البكاي ولد باب أحمد ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي . و أمها مريم الملقبة ( امروم ) بنت الشيخ محمد فال الاديلكية قالت كنا على فراش النوم فوقف علينا رجل و سلم فرد عليه الشيخ السلام و تحدث معه قليلا و ذهب فقلت من هذا الرجل قال وهل سمعت كلامه قلت نعم قال ذاك زميلي محمد الامين بن سيد اب الكنتي يخبرني بأمر إستشكلته وكان قد توفى قبل ذلك بكثير بولاية تكانت ، رحمه الله تعالى .
• وسمعتها وأنا أعقل القصة التي تحكي قالت أصبت بمرض عبارة عن بثرة في رأس الورك وكنت جسيمة وبدأ الآكل سريعا في وركي فحملوني الى مستشفى كيهيدي في سيارة القاضي سيد أحمد ولد أحمد الهادي التمدّكي رحمه الله وذلك سنة 1971 وفي المستشفى أطباء فرنسيون فحاولوا علاجي وإيقاف الأكل فعجزوا وعقدوا إجتماعا وأجمعوا على رفعي الى انواكشوط أو الى دكار وأنهى إلينا أحد الأطباء الموريتانيين ان الأمر مستعجل لأن ا لأكل قارب عظم الورك ، ولا يمكن الذهاب إلا في الطائرة ، فبكيت خوفا من ركوب الطائرة وقلت لا يفصلني عن الموت إلا أن تركبوني في الطائرة فإني أخاف من ركوبها خوفا شديدا فالتفت الشيخ الى أخي سيد امحمد بن الشيباني و إلى إبني الأكبر من غيره البكاي بن ،سيدن بن سيد أعمر رحمهما الله وقال دعوها هنا فإني سارقيها وقد دعوت الله لها بقصيدة توسلية منها :
فنج من الاسهال و الكُـــــــلًرا ودمل و الجُريْحَ ربّ إكف وباه.
و منها :
فجدلي بخير يا رحيما بخلقه فمــــالي يا رحمان دونك جــاه
فأنت الواسع الجود عدتــــي فهب لي اذا جـدا يـــدوم جـداه

وهي طويلة في ديوانه الذي ما زال مخطوطا .

قالت فما تم علينا أسبوع حتى توقف الأكل بدون علاج وبدأ الجرح يجف فاخذوا وساطة للطبيب الفرنسي ليكشف على الجرح فلما كشف عنه ورأى بوادر الشفاء ضرب رأسه كالمتعجب ، ثم صار يأتيننا بصحبة أولاده الصغار ويجلس معنا تحت الخيمة التي ضربنا بساحة المستشفى ، فكان ذلك بداية شفاء الوالدة ببركة دعاء الشيخ الوالد وطلبه لربه ثم رجعنا الى أهلنا .
• قال مقيده عفا الله عنه سمعته يحكي ذات يوم يقول ضل منى بعير فأنهى إلي أحد خبرا أنه رآه في الشمال عند حي من أحياء التنمية فبحثت عن من يرافقني لأني لا أهتدي في تلك الأرض فعزّ علي فتوكلت على الله وسرت لوحدي أحمل زادا و قربة ماء على راحلتي فلما غاب عني الحي إذا براكب يحث راحلته نحوي فسلم فرددت عليه السلام و بادرته بالسؤال أين وجهتك؟ فسمى لي الحي الذي أقصده فقلت أو تهتدي عليهم قال نعم قلت إذا أرافقك .وكان لا يحمل زادا ولا ماء ، وإذا أنخنا للمبيت أو القيلولة بادر إلى راحلتي وحل رحلي ثم يذهب إلى راحلته ويحط عنها و يذهب بالراحلتين ويقيدهما وإذا أردنا الرحيل جلبهما و شد على راحلتي أولا رحلي ثم يقصد راحلته ودمنا على ذلك وأقوم أنا بتحضير الزاد و أضعه بين يديه ولا أتذكر أني رأيته يأكل لكوني أظنه شخصا عاديا فلا أتفطن لأكله و كما أني لم أجده يشرب من قربتي ودام سفرنا على تلك الحال ، فلما أشرفنا ذات يوم على الحي الذي كنا نقصد لاقيت راعيا من الحي فسلمت عليه وسألته عن ضالتي فقال هي في الحي الذي أمامك تركتها في المراح قلت وهذا الرجل تعرفه فقال سم الله فليس معك رجل قلت كان معي رجل على جمل وكان يقصد الحي معي ، فقال أنا أبصرتك من بعيد تحث راحلتك وليس معك أحد فتعجبت لذلك .
• قلت وكان مولعا بحج بيت الله العتيق رغم عدم إستطاعته واتفق ان حجت تلميذته خديجة بنت سيدي الامين الكنتيه من أبناء أولاد (بوسيف) وهي صالحة فقالت وجدت الشيخ في "منى"مع رجال لا أعرفهم وكنت مَحْرَما له فسلم علي ووضع يده على منكبي وسأل عن حالي لكن لاحظت في وجهه كراهة طول المقام معه و ربما يرجع ذلك للرجال الغرباء الذين معه ولما رجعت من الحج سألت عنه ابنه الاكبر حمادي وقال لم يحجّ قالت:أنا لقيته في "منى" قال :لم يحجّ فذاع الخبر حتى وصل الشيخ ولم يستطع أحد أن يسأله عن الأمر فما لبثنا أن جاءت خديجة المذكورة الى الحي ونزلت عند خيمة في قرية الشيخ فقصت الخبر على الناس فلما كان المساء قدمت على الشيخ للسلام فانفرد بها جانب البيت وقضت معه ساعة ثم ذهبت فجاءها بعد ذلك من يسألها عن قصة حجه فقالت لا يرحم الله أحدا يسألني عن هذا الموضوع ولن أبوح به ما دمت حية .
خاتمة
لا جرم أن جدية شيخنا كانت بسبب استشعار قيمة وعظمة ما يدرس ويصنِّف، فهو على صلة دائمة مع النصوص الشرعية التي تحث على الصدق في القول والعمل، ومخاطبة الناس بالطيب من القول، وتنهى عن السفه وبذاءة اللسان، وتنفِّر من الكبر والرياء والنفاق، وتحذِّر من الافتتان بمباهج الحياة والانسياق وراء مغرياتها. ولا نستغرب ولا تنتابنا الدهشة من هذا الخُلُق إذا فهمنا البواعث النفسية التي كانت تسيطر عليه ، فهو كثير الهمِّ على مسلمي عصره، شديد التمسك بسُنَّة نبيه ، حريص على العلم الشرعي، فضلاً عن تأثره بخُلُق كثير من مشايخه ، الذين كانوا يتصدرون لتدريس العلوم الشرعية ، ويحرصون كل الحرص على التقيد بالآداب العامة، ويتشددون في التزامها والتحلي بها ، حتى لا يكون هناك تناقض بين سلوكهم وأقوالهم.
وجدير بالذكر أن أوقاته كانت معمورة بين توجه للعبادة أو التصنيف والمطالعة ، وهذا شأن العلماء، وسمة العارفين الفضلاء، ومنشأ هذه الميزة في شخصيته العلمية هي جديته في الحياة، ومضاء عزيمته.
.
انتهى يوم 03/12/2012
بقلم الاستاذ / سيدي محمد ولد الشيخ ولد سيدن ولد حمادي

هناك تعليق واحد:

تضمين الرسالة أدناه

وصلى الله على الهادى الأمين