بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 13 مارس 2013

الأميرالشيخ علواته ولد بادي ولد حمادي


بسم الله الرحمن الرحيم
نواكشوط 10 مارس 2013
بيان

لقد خسرت الأمة الإسلامية ومنطقة الصحراء الكبرى ليل الجمعة الماضي الموافق 8 مارس 2013 , أحد الأعلام الكبار وهو الشيخ علواته ولد بادي ولد حمادي , أمير منطقة أزواد الذي انتقل إلى جوار ربه فــــي مدينة "قاوه " بمالي .
وبهذه المناسبة الأليمة , فان لفيف الرموز التقليدية للجماعة الكنتية بموريتانيا , ترفع أحر تعازيها القلبيــــــة لأسرة الفقيد ممثلة في شخص صنوه: السيد عمّه ولد بادي وعبره إلى كافة ساكنة أزواد قبائل ومجموعـــات مختلفة وكذالك إلى المجموع الكنتي في كل أرجاء المنطقة : من المغرب وحتى بوركينا فاسو ومن السنغال إلى ليبيا .
ولقد كان الفقيد سليلة دوحة كريمة من الزعامة الروحية والزمنية بدولة مالي , شمل تأثيرها وإشعاعهـــــــا جميع أنحاء شبه المنطقة , لكونها تستمد مشروعيتها من الميراث المجيد للشيخ ســـــيدي المختــــــار الكنتي ( الشيخ الكبير ) الذي أفاض منطقة السودان وتخومها بعلمه , ودعوته وحرصه على نشر السلم بين كــــــل مكونات الإقليم , وهي السياسة التي انتهجها بإصرار ونجاعة خلفائه من بعده .
وتشكل الذاكرة التاريخية لمدينة "تمبوكتو"خير شاهد إذ أن تلك المدينة الأسطورية تدين بإنقاذها من النهب والإبادة , أربع مرات مختلفة لتدخل الشيخ الكبير أو خلفائه من بعده.
• ففي عام 1771, تدخل الشيخ سيد المختار الكنتي من أجل انقاذ تمبوكتو من حصار طوارق " تادمكه " المنتقمين لاغتيال زعيمهم " اكتيتي " على أيدي الرماة ( حكام تمبوكتو).
• ونجح الشيخ سيد محمد الخليفة عام 1825 في إقناع " فلان ماسنة " برفع حصارهم عن المدينة على أن يضمن لهم تمثيلا رسميا لدولتهم الجديدة معترفا به من ساكنة تمبوكتو .
• وأيضا نجح الشيخ سيدي المختار الصغير الملقب بادي وهو الخليفة الثاني عام 1847 في إعادة السلم للمدينة بعد تمرد سكانها على سلطة " فلان ماسنة " .
وقد اضطر الشيخ للإقامة بتمبوكتو لضمان احترام الاتفاق الذي رعى , حتى توفي بها. و يوجد ضريحه في الجزء الشمالي الشرقي من تمبوكتو , حيث تعرض القبر العام الماضي للتدنيس من طرف القاعدة تماما كما فعلوا بالمدافن الكبرى للمدينة ومن ضمنها ضريح الشيخ سيد أحمد بن أعمر الركادي الكنتي وهو مـــــــزار كبير غربي تمبوكتو يطلق عليه مقبرة الأولياء الثلاثة .
• أما التدخل الأخير لصالح المدينة فكان عام 1864 , وتم على يد الخليفة الثالث الشيخ سيد أحمد البكـــاي الذي أستطاع تجنيب "تمبوكتو" الحرب إثر تحالف سكانها مع الطوارق ضد سلطة دولة " فلان ماسنـــــه " حيث ضمن الاتفاق بقاء قاض وجاب " من ماسنة في المدينة مقابل انسحاب الحاميات العسكرية منها. ويحتفظ سكان تمبوكتو بذكرى عطرة لهذا الشيخ المنقذ إذ أنهم أطلقوا اسمه على أكبر ثكنة بالمدينة بعـــــد الاستقلال .
وتختزن أيضا تمبوكتو وهي المدينة الحاضنة للتاريخ والثقافة الإسلامية بمالي في ثناياها ميراثا كنتيا آخـــر ذو بصمة لا تزول ذالك أن ما يناهز 60% من مقتنيات مركز أحمد باب التمبوكتي للمخطوطات ترجـــــع لعلماء وفقهاء كنتيين .
ومن بعد هؤلاء الأوائل ذي الذكر الخالد شكل باستمرار من جاء بعدهم : حمادي , سيدي علواته , الميمون , بادي وصولا إلى علواته الراحل حجر الزاوية في استقرار منطقة أزواد والمحافظة على وحدة الكيان المالي وتعانق شعوبه .
ولم يكن لحالة الفوضى وعدم الاستقرار التي سادت مالي وأزواد منذ عام 1991 , أن تظهر إلا بعد رحيــل الأمير بادي ولد حمادي وابن عمه بودمعة ولد سندي ( منطقة هاري بندا ) الذي كان نائبا في البرلمـــــــــان المالي وشيخا دينيا كبيرا نافذا إبان حكم الرئيس موسى أتراورى . فقد أدى تراجع مكانة الأمراء التقلـــــيدين الذين لم يعودوا يحظون بنفس المكانة والاعتبار من طرف الحكم المركزي المالي , إلى إيصال المنطقة إلـى خلخلة القواعد بشكل مستديم ومأساوي بحيث أودت المفاعيل المتراكمة بالجميع في أتون الكارثة الحالــــــية بالساحل .
إننا نضع الجميع , الحكومة المالية أولا , فرنسا والمجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا أمام مسئولياتهم اتجاه الإمارة التقليدية الكنتية بمالي التي فقدت خليفتها في هذا الوقت العصيب الشيخ الأمير علواته الذي تأتــــــي وفاته أياما بعد عودته من اختطاف جبان وإجرامي نفذه أعداء الإسلام والوحدة المالية وكل أمان وازدهـــار لسكان شمال مالي , نعني بذالك مهربي المخدرات بمنطقة "تلمسي" الذين أضحوا يلتحفون بسلفية حركــــة التوحيد والجهاد بغرب أفريقيا والذين لا يزالون يواصلون فسادهم وبغيهم في أرض قاوة.
لقد دفع المرحوم "علواتة" ضريبة كبرى بشجاعته وجرأته في الوقوف علانية وبكل صدق مع وحدة شعبه وبلده .
أن عاصمة الإمارة بلدة " أكمهور " تحتاج اليوم إلى الحماية العسكرية والمعونة الغذائية والطبية . فالأمير علواته لم يقبل في حياته أبدا الرحيل عن أرضه أو اللجوء بمن معه إلى الخارج كما اضطر إلـــــــى ذالك الكثيرون في أزواد والآن وبعد شهادته في سبيل دينه ووطنه وشعبه يتعين على الحكومة المالية وكــــــــل الأطراف الفاعلة أن تكون على قدر التحدي وإلا فإن الضمير الجمعي الكنتي سيشعر بالخذلان من تقاعس تلك الأطراف عن النهوض بمسئولياتهم السياسية والأخلاقية والإنسانية .
كما نهيب بالحكومة الموريتانية وعلى رأسها فخامة الرئيس السيد محمد ولد عبد العزيز الذي كانت لـــــه البصيرة النافذة لاستبانة خطر الإرهاب وامتلك الشجاعة لمحاربته مبكرا في أوكاره بشمال مالي , واستنهاضا لروح المسئولية لديه وتأسيسا على اهتمامه الراسخ بالعمل على وحدة واستقرار الجار المالي , إلى استخدامه لنفوذه الكبير لدى جميع الأطراف الفاعلة بالشمال المالي للتعاطي الجاد والسريع مع هــــذه القضية الملحة والتي تشكل مصدر انشغال كبير لطيف واسع من الشعب الموريتاني الذي يرتبط فـــــــي مجموعه بالشعب المالي عبر أواصر الدين والقربى والجيرة والتاريخ المشترك .

عن المجموعة خطاري ولد باب ولدحمادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تضمين الرسالة أدناه

وصلى الله على الهادى الأمين